أربعة شروطٍ أخرى ولك أن تجعلها خمسةً لأن حسن تصوُّره وعلممُه معهما الاستحضار حين التصنيف فيجعل حضور التّصوُّر زائداً على حسن التّصوُّر والعلم فهي تسعة شروطٍ في المؤرِّخ وأصعبها الاطّلاع على حال الشّخص في العلم فإنّه يحتاج إلى المشاركة في علمه والقرب منه حتى يعرف مرتبته وما ذكرت هذا الكلام غلا بالنسبة إلى تواريخ المتأخّرين فإنّه قلّ فيهم اجتماع هذه الشّروط وأمّا المتقدّمون فأما أتأدّب معهم. . .
وذكر في ألفصل الحادي عشر أسماء كتب التاريخ المؤلّفة لمن تقدّم من أرباب هذا ألفنّ فساق اسم ٢٨٢ تاريخاً من تواريخ المشرق وبلاده وتاريخ المغرب وبلاده والتواريخ الجامعة وتواريخ الملوك والوزراء والعمّال والقضاة والقرّاء والعلماء والشّعراء وتواريخ مختلفة وقال في آخره: وكتب الجرح والتعديل والأنساب ومعاجم المحدّثين ومشيخات الحُفَّاظ والرّواة فإنها لا شيءٌ يحصره حدٌّ ولا يقصره عدٌّ ولا يستقصيه ضبطٌ ولا يستدنيه ربطٌ لأنها كاثرت الأمواج أفواجاً وكابرت الأدراج اندراجاً. قلنا وأسماء هذه الكتب تنعي إلى الخَلَف قصورَه عن اللحاق بالسّلَف ومن الغريب أن لم يُطبع حتى الآن سوى جزءٌ قليلٌ من تلك التواريخ وقد فقد بعضها على ما يظهر من فهارس خزائن الكتب الغنيّة في أوروبا
وهذه المقدّمة وحدها كتاب علمٌ برأسه تنمّ عن فضل كاتبها وأنّ تاريخه جعبة ألفوائد والأوابد فهي أشبه بمقدّمة ابن خلدون لتاريخه ومقدّمة الصّلاح الصّفديّ تعلّي منزلة تاريخه الوافي الشافي وهاك الآن نموذجاتٍ قليلةً منه تعرف بها أسلوبه في ترجمة المشهورين ونمطه في إنشائه وتصوير الرجال وذكر المهمات من أخلاقهم وعلومهم وأحوالهم نقلناها عن نسخة الأمير كايتاني في رومية التي أخذت له بالتصوير الشمسي نقلاً عن الأجزاء المبعثرة في خزائن كتب أوروبا
قال الصفدي في سنة ٧. ٢ م: كان المصاف بين التتار والمسلمين في مرج الصفر فانهزم فلّهم في الزواريق واجتازوا ألفرات من دير يسير ومما قاله شمس الدين السيطبي في هذه الوقعة:
جاؤوا وكلّ مقامٍ ظلّ مضطرباً ... ومنهم كلّ مقامٍ بات يرتجف
فشاهدوا علم الإسلام مرتفعاً ... بالعدل فاستيقنوا أن ليس ينصرف