موظفين أخصوا في هذا العلم وهناك أيضاً صعوبة في جلبهم وجمعهم. لأن التبريز في صناعة يقتضي لمن يديره أن يقضي دور الاستعداد في دائرة نظريات العلم ويعقبه دور طويل يقضيه في العمل وليس في البلاد حتى الآن علماء بالغابات على هذه الصورة وإذا صرفنا النظر عن الصعوبات الكثيرة التي تعترضنا في جلب علماء بالغابات من الخارج فهناك صعوبة واحدة يكتفى بإيرادها وهو أنهم يكونون ولا شك غرباء بعيدين عن معرفة ما يلزم لإنشاء الغابات في مثل هذا المحيط غير ملمين بأحوال القطر ولا بحالته الاقتصادية.
أرى هنا أن أورد بعض التجارب التي عمدوا إلى تطبيقها في بعض الممالك التي تشبهنا وأهم الأقطار التي يجب على رجال حكومتنا أن يبالغوا في البحث فيها: الجزائر وتونس وقبرص فإن بلادنا هذه تشبه تلك الأقطار من وجوه كثيرة فالمناخ فيها عينه عندنا وما يشاهد من الإسراف في قرض الغابات في فلسطين قد شوهد مثله في تلك الأصقاع أيضاً وإذ كان سكان هذه البلاد وسكان تلك من المسلمين فلهم نفس التقاليد والتواريخ ثم إنه استعملت في تلك الأقطار نفس الأشجار التي توافق بلادنا والواجب قبل كل شيء تحديد المقطوع من الخشب والحطب وتعيين شروط إصدار حاصلات الغابات ولئن كنا لا ننكر أن عندنا كثيراً من القوانين في هذا الشأن فإننا نقول بأنه لم يجر تنفيذها بتة على أن الواجب أيضاً تعديل هذه القوانين ببعض لوائح حسب محيط كل بلد وطبيعة كل أقليم وعادته فوضع القوانين واستعمال الجد في إنفاذها يجب أن يكونا توأمين متلازمين.
حرّاس الغابات
يجب أن يعهد إلى حرّاس يشرفون على الغابات على شرط آن لا يراعى في تطبيق القوانين والنظامات المذكورة الأصول القديمة وأن يختاروا من الذين تعلموا تعليماً ابتدائياً صناعياً في الجملة فإن الأصول التي اتبعت فيما مضى فدعت إلى أن يعهد إلى الجهال بمثل هذه الوظائف قد ألحق الضرر الكثير بالآهلين وإن إحداث وظائف الكسالى لا يكون إلا ذريعة لتشديد الضرر الذي يراد توقيفه. وكنا نرجي أن يكون ألفرق بين الحراس القدماء والحراس المحدثين في الغابات كالفرق بين أفراد الدرك اليوم وأفراد الدرك أمس على الأقل وما أشبه الليلة بالبارحة.