بالبضائع الإنكليزية والهندية لا يطمعون منهم بأكثر من ذلك.
وأما أهل نجد فقل عنهم أضعاف ما قلناه من أهل حضرموت وعدن واليمن فإنهم يكرهون كل تداخل أجنبي ترى ذلك واضحاً في إجماع خاصتهم وعامتهم على البعد عن دهاة لجنة الخليج ألفارسي. ولطالما اجتهدت هذه اللجنة ومركزها في أنو شير في أن تقوي النجدين وتدخلهم في معاهدة أو رابطة معها فلم تفلح.
وفي سنة ١٨٦٤ على إثر بولغريف من الرياض خائباً ناقماً على الأمير فيصل الوهابي وعلى الوهابيين وكان جاء الرياض متنكراً على نفقة إمبراطور فرنسا ومر بحائل أيضاً فعلى إثر انصرافه برغث صدر الكونيل لوس بلي مدير سياسة الخليج ألفارسي فكتب رسالة خاصة إلى الأمير فيصل يستأذنه في زيارة إلى مقره في الرياض فأغفل الأمير جوابه فكتب ثانياً يسأل خفارة وأدلآ. ولما طال الوقت ولم يرد جواب الأمير عبر إلى الكويت ومن هناك أرسل ثالثة ما كان سأله من الخفارة والإدلاء وانظر عدة أسابيع وبعد أن طال انتظاره وكاد يفرغ صبره ورد عليه جواب الأمير بأوجز عبارة لا يزيد عن صريح الإذن بقبول زيارته ولكن لا دليل ولا خفراء فسافر هذا الرجل هو وحاشيته في بزّه أهل نجد لم يجسر أن يظهر بزّيه الإفرنجي ولما بلغ الرياض نزل في مقصف لابن الأمير خارج المدينة ولم يؤذن له بمواجهة الأمير فيصل إلا في اليوم الثاني وبه تردد مدة ثم بعد أن أقام ثلاثاً لم ير له أفضل من سرعة الرجوع فزم جماله واعتمد دليلاً من قناصة الصليب فقاده هذا في طريق غير مطروق نفذ به شمالي الهفوف. ومما يذكر في هذه الزيارة أن الكولونيل وحاشيته لم يجسروا أن يستعملوا شيئاً من سياحاتهم العلمية الجغرافية في أخذ عرض مكان أو طوله أو رسم خارطة للطريق الذي مروا فيه أو شيئاً آخر مما يحرص عليه أصحاب الرحلات من علماء الأوربيين. ومنذ عهده إلى هذا العهد لم يدخل نجداً بريطاني لا سائحاً ولا جاسوساً فيما نعلم ويعلمه أيضاً جورج هوغرث صاحب الكتاب المشهور المسمى اختراق البلاد العربية المطبوع سنة ١٩. ٤.
والخلاصة فإن أهل نجد هم من أبعد أهل العربية عن الإسترسال إلى الإنكليز بوجه من الوجوه مهما بلغ من دهاء سياستهم وخلابة مواعيدهم.
والشمريون لا ينقصون مثقال ذرة عن إخوانهم النجدين ولا يحتاج إلى اطالة الكلام في