فن من الفنون المدونة فدرست أو كادت حتى أن المتكلمين على تاريخ الفنون والآداب العربية لم يشيروا إليها في الأغلب. وأصبح من لهم العناية بأمور الجوارح على قلتهم يربونها تربية مأخذها التجربة والاختبار لا الصحف والآثار كما يشاهد الآن في بعض الأقطار العربية والأعجمية. هذا وقد عرف في الطبقة الأولى جماعة من مشاهير البيازرة.
مشاهير البيازرة
إنه لشيء لا ينقضي العجب منه أن يكون بين أئمة هذا الفن عند العرب مثل الغطريف ممن صحب الرشيد. هاشم. أدهم بن محرز. سعد بن عقير يستشهد بأقوالهم ويحتج برواياتهم وأنقالهم ثم لا يتسع لهم مجال كتب الترجمة والتاريخ وتضيق عنهم صدور المعاجم معاجم الأطباء والحكماء. وإنما يجيء ذكرهم عرضاً في بعض الآثار الموضوعة في صناعتهم سموهم فيها تسمية مجردة. وقد سموا غير من مرّ من أعلام البيازرة. سومارس. صرغيث النبطي. ابن العوام لعله أبو زكريا يحيى بن محمد بن العوام صاحب كتاب الفلاحة نقله عن اليونانية. قسطوس الرومي لعله قسطوس بن اسكور صاحب كتاب الفلاحة الرومية وهم كالمجاهيل أغفلهم أصحاب معاجم الأعلام والطبقات مع أن بعضهم من رجال صدر الدولة العباسية ويغلب على الظن أن بعضهم من السريانيين المستعربين الذين كثر بينهم حذقة العلوم القديمة ونقلتها إلى العربية إذ ذاك.
البيزرة في الكتب
قلما تكلم على البيزرة من الوجهة العلمية عالم أو أديب في كتاب اللهم إلا الشيخ داوود الأنطاكي المتوفى سنة ١٠٠٨ فقد أملى فيها نحو أربع قوائم من التذكرة مورداً في ترجمتها لفظ بزدرةناقلاً عن أهل هذا الفن معترفاً بقلتهم. وأورد فيها الحاج خليفة المتوفى سنة ١٠٦٨ ثلاثة أسطر فقط نقلاً عن جامع السعادة لطاشكبري زاده بلفظ بيزرة والظاهر أنه لم يقف على كلام الأنطاكي وإلا لزاد. وفي بعض الكتب الفارسية عنها شيء لعله منقول على العربية مثل ما في كتاب تحفة المؤمنينتأليف حكيم مؤمنمن المتأخرين وفي دائرة البستاني عنها كلمة لم تستوعب عموداً ترجمتها بزدرة.
وقد تكلم على طباع الضواري والسباع من الطيور استطراداً لا من باب الخوض والتشمير في الفن جماعة منهم المسعودي في مروج الذهب والقزويني في عجائب المخلوقات