ليراوحوا في هذا الليل بين جباههم وركبهم فإذا أصبحوا أصبحوا شعثاً غبراً بين أعينهم شبه ركب المعزى فإذا ذكروا الموت مادوا كما يميد الشجر في الريح ثم انهملت عيونهم حتى تبل ثيابهم ثم نهض عليه السلام وهو يقول: كأنما القوم باتوا غافلين.
ومن كلامه ومواعظه وقد ذكرت في النهج على اختلاف بين روايتها
هنا وهناك
الموت طالب حثيث ومطلوب لا يعجزه المقيم ولا يفوته الهارب فأقدموا ولا تنكلوا فإنه ليس عن الموت محيض أنكم أن لا تقتلوا تموتوا والذي نفسى بيده لألف ضربة بسيف على الرأس أيسر من موتة على فراش.
ومنها
أيها الناس أصبحتم أغراضاً تنتصل فيكم المنايا وأموالكم نهب المصائب ما طعمتم في الدنيا من طعام فلكم فيه غصص وما شربتم من شراب فلكم فيه شرف وأشهد بالله ما تنالون من الدنيا نعمة تفرحون بها إلا بفراق أخرى تكرمونها. أيها الناس إنا خلقنا وإياكم للبقاء لا للفناء لكنكم من دار إلى دار تنقلون فتزودوا لما أنتم صائرون إليه وخالدون فيه والسلام.
ومن كلامه عليه السلام في الدعاء إلى نفسه والدلالة على فضله
ما رواه كثير من الخاصة والعامة وذكره أبو عبيدة معمر بن المثنى وغيره أن أمير المؤمنين عليه السلام قال في خطبة خطبها بعد بيعة الناس له على الأمر وذلك أبعد قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه.
أما بعد فلا يرعين مرح إلا على نفسه شغل من الجنة والنار أمامه ساع مجتهد وطالب يرجو ومقصر في النار ثلاثة واثنان ملك طار بجناحيه ونبي أخذ الله بيديه لا سادس هلك من ادعى وردي من اقتحم اليمين والشمال مضلة والوسطى الجادة منهج عليه باقي الكتاب والسنة وآثار النبوة إن الله تعالى داوى هذه الأمة بدوائين السوط والسيف لا هوادة عند الإمام فيهما فاستتروا بيوتكم وأصلحوا فيما بينكم والتوبة من ورائكم من أبدى صفحته للحق هلك قد كانت أمور لم تكونوا عندي فيها معذورين أما إني لو أشاء أن أقول لقلت عفى الله هما سلف سبق الرجلان وقام الثالث كالغراب همته بطنه ويله لو قص جناحاه وقطع رأسه لكان خيراً له انظروا فإن أنكرتم فأنكروا وإن عرفتم فبادروا حق وباطل ولكلّ أهل ولئن