للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالنسبة للجزء الكبير فدعت الحال أن يعدل القانون الأساسي الذي وضع لمثل هذه المملكة على صورة يتمثل فيها الدهاء والجربذة وإن معاملة النمساويين للمجريين هذه المعاملة الحسنة بعد الخلاف الشديد الذي استحكمت أواخيه بينهم زمناً قد دل على حسن سياسة النمسا ولا سيما الإمبراطور المتوفى فضمت النمسا والمجر سنة ١٨٦٧ بأن تم الاتفاق بين هاتين للملكتين على أن يدفع المجر عن مملكة النمسا كما يدفعون عن مملكتهم (المقتبس م٨ ص٤٥٩) ويكونون مستقلين إلا في الجيش والبحرية والأمور الخارجية فيدفعون قسطاً صالحاً من المال لمعاونة حكومة فينا وتتعهد الأسرة المالكة النمساوية بالمحافظة على استقلال المجر وحرية البلاد واستعمال جميع قوة النمسا للدفاع عن سلامة الأملاك المجرية ملك النمسا يحكم المجر كما يحكم بلاده ولكنه يمثل مملكتين متباينتين ولا يكون ملك النمسا ملكاً شرعياً إلا إذا أقر على تتويجه مجلس نواب المجر ويقضي القانون الأساسي أن يقيم الملك ستة أشهر في فينا وستة أشهر في بودابست وهو يتلطف بالأمة المجرية كل التلطف وقد تعلم لسانهم في صغره وخطبهم به قبل أن يتولى الملك فأعجبوا به وكثيراً ما كان يلبس الثياب الوطنية الخاصة ببعض شعوبه مثل سكان التيرول وكان التيروليون والسالزبورغيون يحبونه حباً كثيراً وكذلك شعبه حتى كان يقال أن إمبراطورية النمسا تتداعى أركانها بعد موت الإمبراطور فرنسوا جوزيف وكان بعض الغربيين أنفسهم يدعون أن لطفه هو الذي يحول دون حدوث شيء في البلاد والحال أن أسرة هابسبورغ مشهورة بذوقها ولطفها منذ القديم وباتحاد المملكتين حياتهما وقوتهما. من المصائب في مملكة في أن تتألف من عدة عناصر يصعب الجمع بينها لكن حكمة الإمبراطور ورجاله عدلت المسائل وثقفت الناشز وأخذت من عنان المغضب ودارت مع الزمن حتى اشتهرت النمسا بأنها مملكة حسن الإدارة وقد جاء زمن على حكومتها منعت فيه الصحف المجرية من الصدور بلسان المجر وعقبه زمن آخر أصبحت فيه حرية بلاد المجر كأحسن حرية في الشعوب الأوربية.

كان الإمبراطور المتوفى عاملاً مهماً سعى في ترقية أمته حتى أصبحت بفضله دولة قوية الشكيمة بعيدة الشوط في مضمار المدنية والصناعات وأبانت عن قوتها في جيشها وحسن إدارتها في الحرب الأخيرة وهي تقاتل الجيوش الروسية من الشرق والجيوش الإيطالية من