تاريخها القوة والقوة اليوم للغرب فحبذا إلى مجاراته مع الاحتفاظ بتاريخ الملة. فقد قبلت الحكومة منذ سنتين الساعة الزوالية أو الوسطى وبقيت الساعة الشمسية مستعملة أيضاً فساعتنا اليوم ساعة برلين وفينا وباريز ولندن وسيكون غداً تاريخنا تاريخ برلين وفينا وباريز ولندن توحيداً للمناحي ورفعاً للألتباس والتوقف.
ويجدر بنا في هذا المقام أن نامّ بتاريخ التاريخ عند الأمم القديمة فيتبين للقاري أن هذا الخطب قديم وأن البقاء على حالة واحدة ومراعاة التقاليد قد يصعب إلا إلى صد محدود. قال السيوطي في أوائله أن أول من ورخ بالهجرة عمر رضي الله عنه بمشورة علي رضي الله عنه سنة ست عشرة وسبب ذلك أنه كتب أبو موسى الأشعري إلى عمر رضي الله عنه أن يأتينا كتب ما نعرف تاريخها فاستشار عمر فقال بعضهم أرخ بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم فإنه فرق بين الحق والباطل فأرخ به. ويقول القسطلاني في تعليقه على البخاري فجمع عمر الناس فقال بعضهم أرخ بالمبعث وقال بعضهم بالهجرة فقال عمر الهجرة فرقت بين الحق والباطل فأرخوا بها وبالمحرم لأنه منصرف الناس في حجهم فاتفقوا عليه.
قال القرماني وأقدم التواريخ التي بأيدي الناس تاريخ القبط لأنه بعد انقضاء الطوفان ثم اجتمع رأي كل ملة فأرخ الروم واليونانيون بظهور اسكندر وأرخت القبط بملك بختنصر وأرخ بنو اسحق من مبعث نبي إلى مبعث نبي آخر وما زالوا يؤرخون بما كان من الكوائن حتى أتى عام الفيل فجعلوه تاريخاً قال المحب الطبري أمر رسول الله حين قدم المدينة بالتاريخ وكانوا يؤرخون بالشهر والشهرين من مقدمه صلى الله عليه وسلم حتى أرخ عمر بن الخطاب رضي الله عنه من الهجرة لأنها فرقت بين الحق والباطل وذلك سنة سبع عشرة أو ثماني عشرة من الهجرة وقدموا التاريخ على الهجرة بشهرين وجعلوه من المحرم.
ويؤخذ مما قاله المسعودي في كتابه التنبيه والإشراف أن الأمم السالفة والأجيال الخالية والقرون الماضية كانت تؤرخ بالكوائن لعظام والأحداث الكبار عندها وتملك الملوك فمن أقرّ بالطوفان من الأمم كانوا يؤرخون به ثم أرخوا العالم بتبلبل الألسن بإقليم بابل فأما المجوس فلإنكارهم كون الطرفان المستولي على جميع الأرض أرخوا بكيومرت كلشاه