وكانت العرب قبل ظهور الإسلام تؤرخ بتواريخ كثيرة فأما حمير وكهلان ابنا سبا بن يشجب بن يعرب بن قحطان بأرض اليمن فإنهم كانوا يؤرخون بملوكهم السالفة من التبابعة وغيرهم كملك تبع الأكبر وتبع الأصغر وتبع ذي الأذعار وتبع ذي المنار وأرخوا بنار صوران وهي نار كانت تظهر ببعض الحوار من أقاصي بلاد اليمن وأرخوا ببعث شهيب بن مهذم وملك ذي نواس وملك جذيمة بن مالك بن فهم بن غنم الدوسي وملك آل بني شمر من غسان بالشام وأرخوا بعام السيل وهو سيل العرم وخروج عمر بن مزيقيا بن عامر ماء السماء بن حارثة النطريف بن أمريء ألقيس بن ثعلبة بن مازن بن الازد من مأرب جماع غسان في قومه من الأزد وغيره من كهلان وحمير وتفرقهم في البلاد. ثم أرخوا بظهور الحبشة على اليمن ثم غلبة الفرس على اليمن وإزالة الحبشة إلى أن جاء الله بالإسلام.
فأما تاريخ ولد معد بن عدنان فإنهم كانوا يؤرخون بغلبة جرهم العماليق وإخراجهم إياهم عن الحرم ثم أرخوا بهلاك جرهم في الحزم ثم أرخوا بعد ذلك بعام التفرق وهو العام الذي افترق فيه ولد نزار بن معد بن عدنان من وبيعة ومضر وإياد وانمار. ثم أرخوا بعد ذلك بعام الفساد وهو عام وقع فيه بين إحياء العرب وقبائلها التنازع والحروب فاستبدلوا الديار وتنقلوا في المساكن وأرخوا بحجة الغدر وكانت قبل الإسلام بنحو من مائة وخمسين سنة. وأرخوا بالحرب بين ابني وائل بكر وتغلب المعروفة بحرب البسوس. وأرخوا بحرب بني بغيض بن ريث بن غطفان المعروفة بحرب داحس والغبراء وذلك قبل البعث بنحو من ستين سنة وبحرب لاوس والخروج ابني حارثة بن ثعلبة وهو العنقاء.
قال المسعودي: وكانت كل قبيلة من قبائل العرب تؤرخ بيوم من أيامها المشهورة في حروبها فكانت بكر وتغلب ابنا وائل بن قاسط بن هنيب بن أفعى بن دعمى بن جديلة ابن أسد بن ربيعة بن نزار تؤرخ بعام التحالف من أيام حروبهم المنسوبات إلى حرب البسوس وفزارة وعبسى ابنا بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان ابن مضر بن نزار يؤرخون بيوم الجبلة وبنو عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر ابن هوزان يؤرخون بيوم شعب جبلة. وإياد تؤرخ بخروجها من تهامة وحروبها مع فارس الحرب المعروفة بوقعة دير الجماجم ثم أرخوا بخروجهم عن العراق إلى الجزيرة حين أوقع بهم