للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والملابس العربية ومصانع كبيرة المصابون فإن دمشق وحمص وحماة ترسل كل سنة إلى العراق مقداراً جسيماً من المنسوجات البديعة على اختلاف أنواعها وكانت تباع في بغداد والبصرة والموصل بأثمان غالية هي مصدر حياة السوري زمناً غير قصير بيد أن تجارة المنسوجات السورية اعتورها بعض الوقوف ففقدت مكانتها القديمة لأنها لم تتجدد مع الزمان ولم يدخل الإصلاح إلى أنوالها ولأن منسوجات الهند والصين شرعت تنافسها وتقاوصها وكان ما يرد من الهند أرخص بكثير مما يره من سورية أما المتانة وحسن النسج فالناس لا ينظرون إليها بعين الاعتبار، ما دامت غالية الثمن وأعرف مخازن واسعة أصيبت بالإفلاس من أجل هذه المنافسة على أن جمهوراً كبيراً من العراقيين شرع بترك الملابس القديمة والإقبال على الملابس الإفرنجية فكانت الألبسة الصوفية والحريرية والقطنية القادمة من أوروبا وأميركا تزداد انتشاراً من حين إلى آخر كانت الصناعة الوطنية في تقهقهر دائم وفشل ما وراءه فسل لأن الصانع الوطني ضعيف المادة قليل العلم عديم الثبات أيضاً ولم تكن له من القرانين التي تحميه كما هي اليوم تجاه سيل الأجانب الاقتصادي وهكذا أبيدت وماتت صناعة الوطنيين في سورية والعراق وحلت مكانها الصنائع الأجنبية.

في العراق كما في سوريةة بقايا من الصنائع التي عكف عليها أربابها غير مبالين بما يحيط بهم من الفقر والبؤس ففيه اليوم أنوال كثيرة لصناعة اتلألبسةة الحريرية وقد اختصت بها طائفة في بغداد لا يقل عمالها عن خمسمائة عامل وكذلك العباءة فلا تزال على اتقانها القديم وفي النجف وبغداد وكربلاء والقرنة والعمارة والحي عدد كبير من الصناع يزاولون منها شيء كثير إلى ديار الكرد وسورية والجزيرة وكذلك في العراق مصانع صغيرة للنسج الأرز والمناديل والكفافي والمناشف وهذه كلها على جانب عظيم من التجويد والاتقان. وفي هذه الحرب تجلى الذكاء العراقي بأحسن مظاهره وأبهى مناظره فإن العمال الوطنيين أصلحوا عدداً كبيراً من المدافع الإنكليزية التي اغتنمناها في ساحة الحرب وصارت صالحة لاستعمال قنابلنا وفي بغداد معمل حربي كبير وهو الذي أنشأه المرحوم مدحت باشا أصبح اليوم بفضل النابغين العاملين منبع حياة الجيش فهو الآن يصنع الألبسة والأقمشة والأجواخ ويصلح القنابل وألغام الديناميت والقذائف اليدوية وقد أصلح تلامذة مدرسة