للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

آلة من آلات الحواس المعروفة على ما مر بيانه وهو العقدة التي وقفت عندها الباب علماء ما وراء المادة حيارى يتلمسون لها حلاً ينطبق على شرائع الطبيعة ونواميسها.

إذا رميت حجراً في بركة ماء ساكن تكونت نقطة الوقوع في دوائر لا تحصى من التموجات تزيد كل منها عن التي ضمنها حتى تتلاشى في المحيط وذلك لأن دقائق السوائل سهلة الحركة فتفعل فيها القوة فعلاً متساوياً إلى كل الجهات وهذا هو السبب في تكون الحركة الناشئة من سقوط الحجر على شكل دوائر مختلفة الحجم لها مركز واحد وهو نقطة الوقوع ونفس هذه التموجات التي تحدث في الماء تحدث أيضاً في الهواء الذي هو في عرف علماء الطبيعة سائل لطيف فإذا صفقت كفاً بكف أحدث الصفق تموجات في الهواء إلى سائر الجهات فتقع على الأذن فتهتز طبلتها اهتزازاً يختلف باختلاف شدة الصفق وتنتقل الاهتزازات المذكورة على طرق لا مجال لتفصيلها إلى العصب السمعي الذي ينقلها إلى حاسة السمع في الدماغ فيشعر بالصوت.

إلا أن هناك سائلاً آخر في غاية اللطافة يملأ جوانب الفضاء ويتخلل إبعاد الأجرام السماوية ومسافات الكون لم تشاهده عين ولم تسمعه إذن ولم يخطر على قلب بشر في العصور السالفة أطلق عليه العلماء اسم الأثير واستدلوا على وجوده بأدلة ليس هنا محل شرحها فإذا تموجت دقائق هذا السائل تموجات خصوصية أحدثت الظاهرة الطبيعية التي نسميها بالنور وما اختلاف ألوان النور التي نشاهدها في قوس قزح سوى اختلاف تموجات الأثير فإذا انخفضت إلى درجة معلومة أصبحت حرارة أي أمواجاً لا تدرك بالعين بل يشعر بها بأعصاب الحس فالنور والحرارة إذاً صنوان إنما يدرك أحدهما بحاسة البصر والآخر بحاسة اللمس تبعاً لتموجات هذا الوسط اللطيف المسمى بالأثير.

واعتقاد الفريق الأكبر من العلماء الآن هو أن الفكر الذي يتولد في الدماغ يحدث أمواجاً خصوصية في الأثير شبيهة بأمواج النور التي مر بك بيانها ولكل فكر تموجه الخاص كما أن للأزرق من النور تموجات خصوصية في الأثير وللأحمر مثلها فكذلك لكل نوع من الأفكار تموجه الخصوصي في الوسط المشار إليه وكما أن النور يسير بسرعة مدهشة تبلغ نحواً من مائتي ألف ميل في الثانية حتى يتاح لنا إبصاره لحظة حدوثه فكذلك يتاح للفكر أن يحدث تموجاته الخصوصية في الأثير سائراً بمثل هذه السرعة العجيبة وكما يتأتى للقوة