الهند فالواجب أن يغرس المبضع في الأجزاء المحتقنة أو على الأقل في الأطراف التي فيها مجرى دم كاف ولا تقصد من الأطراف التي ضعفت بما أصابها من فقر الدم. وقال أحد المؤلفين في سنة ١٧٩٢ أن الغاية الرئيسة التي جرت عليها انكلترا يجب الاعتراف بها حتى الاعتراف وهي أن تكتشف ما تستطيع استخراجه من رعاياها الأسياويين لا أن تحمل إليهم النعم. وهذه التصريحات وهي الخطة الحقيقة للسياسة الإنكليزية لا تبقي شكاً في أن الهند خاضعة لقانون جائر يحول نحو انكلترا قواها وغناها وقد أبان هندمان في عباراته الجارحة خلاصة هذه السياسة بقوله: الهند آخذة بالضعف فإن استيلاءنا عليها قد أضعفها حتى في أدق ألياف تركيبها فانفجر دمها بطيئاً ولكنه يزيد يوماً عن يوم.
تقسم البلاد التي تدعى الهند قسمين القسم الإنكليزي والأقاليم الهندية ففي الأول تسود سلطة الإنكليز وبفضل ما صرفوه عليها من الأموال قد نجحت أحوالها نجاحاً تاماً أما الأقاليم الهندية فما عدا غراس الشاي والقهوة والنبل والجوت والممالك الإقطاعية فهي كل بلاد الهند ماعدا الأراضي التي عرضها خمسون ميلاً إنكليزياً الواقعة على جانبي الخطوط الحديدية وأماديح رجال السياسة الإنكليزية من حاكم الهند إلى وزراء بريطانيا تتناول هذه الهند الإنكليزية وكل ما يقال من الإطراء في الكتب الزرقاء المنتشرة في مسائل الهند يقصد منه الهند الإنكليزية ومادة مداح الاستعمار الإنكليزي للهند هي هذا الجزء من البلاد ولكن إذا نظرنا إلى ماوراء هذه الظواهر من بلاد الهند حيث يتحرك ثلاثمائة مليون من الأنفس نجد غير الصورة التي يرسمونها نرى في كل خطوة نخطوها من هذه البلاد مشهداً من البؤس الغريب وويلات تحدثها المجاعات وصعاليك لايكادون يجدون ما يغطي عوراتهم من اللباس وضروباً من الذكاء تذهب في الهباء وعقولاً تتبله وتتبلد وأناساً يعيشون بلا أما وكان من أمر الحكم الإنكليزي إن أصبحت المجاعات دائمية على ماتقرأه في الإحصاء المدهش المنقول عن تقارير رسمية فقد حدثت أربع مجاعات في الثلاثين سنة الأخيرة من القرن الثامن عشر (١٧٦٩ - ١٧٩٢) ومئة واثنتا عشرة مجاعة في النصف الأول من القرن التاسع عشر (١٨٠٢ - ١٨٣٨) وخمس وثلاثون مجاعة في النصف الأخير من القرن التاسع عشر (١٨٥٤ - ١٩٠٨) فمات بالمجاعة خلال القرن التاسع عشر فقط زهاء اثنين وثلاثين مليوناً من الأنفس قال ويليام ويجبي: أن ماحدث من هلاك