ولما بلغه وهو على فراش الموت أن ولي عهده غير راض عن الدستور سأله عن معنى ذلك فقال له والعبرات تتساقط من مآقيه: أيجدر بالمملوك أن يخالف أمر مولاه.
ومن جملة ما قام به من أعمال الإصلاح أنه تنازل عن راتبه الملوكي وكان خمسة ملايين فرنك فأنزله إلى ٧٥ ألفاً بما له من الثروة العظيمة الخاصة وألغى كثيراً من المكوس والضرائب وأسس في عاصمته مدرستين على الطراز الحديث ليعلم أولاد الفقراء مجاناً وحبس لهما ما يكفيهما من ماله وحث قومه على إنشاء المدارس فنشئت في طهران عشرات من المدارس على الأصول الجديدة وكذلك في معظم المدن الفارسية ما خلا مدارس الحكومة وكان طاب ثراه متديناً غيوراً مفكراً جداً يقرب العلماء والشعراء ويغدق عليهم من جوائزه وعطاياه وهو ثاني ملك شرقي منح أمته الدستور عن طيب خاطر ومات وهو حريص على تنفيذه محاذر أن ينقض ما أبرمه ويهدم ما أقامه. ولذلك كان خطبه جسيماً والأسف عليه عميماً.
أما خلفه الشاه محمد علي فقد ولد في ١٤ ربيع الثاني سنة ١٢٨٩ وأقيم ولياً للعهد وحاكماً على أذربيجان يوم وفاة جده ناصر الدين شاه وتولي والده منصة العرش الفارسي وقد تعلم حد الكفاية من العلوم واللغات وهو يعرف العربية والإنكليزية والروسية والفرنسية مولع بالضرب على بعض أدوات الطرب موصوف بالنباهة قوي البنية تغلب عليه حدة الشباب في الأحايين ولعل بلاد الأكاسرة تلاقي منه خير نصير في إتمام ما بدأ به والده من الإصلاحات النافعة في عمران ذلك الملك وارتفاع شأنه.