نحمدك اللهم على ما أقبستنا من قَبَس العلم بنور العقل السليم. فكان أفضل ما صدر عن كرمك الجزيل وفضلك العميم. ونستهديك لساناً لا يحلو له إلا النطق بما يعتقد صحته بعيداً عن التزلف والتقية. وبياناً مؤيداً بأيدك ليجد سبيل القبول من قلوب البرية. اللهم وقفنا إلى معالجة سم الجهل الناقع. بترياق التعليم النافع والأدب الرافع. وحبب إلينا التواصي بالحق والإنصاف. وجنبنا مضالَّ الاعتساف ومزالَّ الخلاف. وأشرب أفئدتنا حب الإقرار بحسنات العدو قبل الصديق. وأصرفنا عن مزالق التدليس ومغامز التلفيق. وافتح مغلق عقولنا برحمتك لنهتدي بما اهتدى به البشر الناهض بفضل البحث والتنقيب من نور علومه. واشدد عزائمنا لقرن العلم بالعمل فتمتزج روحه بأجزاء نفوسنا وننتفع بحديثه وقديمه. رب نسألك أن تطبع هذه الأمة بطابع التسامح المقبول. وتبغض إليها التعصب المنبوذ المرذول. لتقبل الحكمة من أي وعاءٍ خرجت. ومن أي جو تنفست. وعن أي لسان انبعثت. ولا تكلننا إلى أنفسنا لئلا نضل ونشقى.
وبعد فقد قضى المقتبس عامه الأول وهو اليوم في فاتحة عامة الثاني يدبّ ويدرج. حرص - ولا يزال يحرص - على الانتفاع بنصح العقلاء. ونقد الجهابذة الفضلاء. وإرشاد المنزهين عن الأهواء. بما يؤهله إلى السير على سنة النمو والارتقاء. ولكل عمل عمره الطبيعي لا مندوحة من قضائه. والنتائج أبداً بالمقدمات مقرونة. وإذا جاز الفخر فيحق لهذه الصحيفة أن تفاخر بأنها قامت بمؤازرة العالمين والمفكرين. لا بمعونة الكبراء والموسرين. ولذلك فُرض عليها أن تشكر أيادي المتوفرين على إمدادها من معين دروسهم وأبحاثهم أضعاف أضعاف ما تشكر لغيرهم.
وستظل أبحاثها على ما كانت عليه مع إشباع الكلام أكثر من ذي قبل في معظم ما تخوض عبابه من الموضوعات وتنشر في كل جزء رواية أو قصة أو أفكوهة تروّح عن النفس بعد تلاوة العلميات والأدبيات وذلك عملاً بما اقتضاه منا جمهور من القراء. فنلتزم كل مرة فتح باب نفاضة الجراب وكنا نود أن لا نعود إليه مؤتمرين بأمر بعض الأكابر لولا أن ثبت لنا بالاختبار أن الجدَّ البحث لا يروج بين أبناء الغرب وهم في تهذيبهم واستنارتهم ما هم فما بالك في هذا الشرق وهو ما هو.
ومما وضعته هذه المجلة موضع العمل بعد الآن أن لا تعطي من عندها ألقاباً علمية وأن