وقد أورد التاج طرفاً كبيراً من الكوارث والفتن التي حدثت في بعض تلك الأدوار واستطرد إليها لأدنى مناسبة وأكثر ما شاء وشاءت قريحته فلم يكن منها غير تكبير حجم الكتاب على غير طائل. وطبقات الرجال لا دخل فيها لحوادث الأجيال وهذه من خصائص كتب التاريخ السياسي. ومن يقرأ المناظرات التي ذكرها المصنف وهي مما وقع بين بعض الفقهاء المترجمين وبين غيرهم ممن ليسوا على مذهبهم يتضح له ما كان ثمة من تعصب بين المتخالفين وكيف صرف أرباب المذاهب أوقاتهم في الجدال والقيل والقال.
وإنا لم نر عبارة لوصف هذه الطبقات أجمل من التي كتب بها إلينا أحد كبار شيوخ العلم في الشام عندما صدر الجزء الأول منها قال: قد سررت بطبع طبقات التاج السبكي لقلة ما طبع من كتب التاريخ في مصر وإن كان السبكي شديد التعصب كما يظهر من مقدمة الكتاب التي أفردها لذم التعصب، والمتعصبين وجعل من المفرطين فيه شيخه الحافظ الذهبي فزعم أنه أفرط على الأشاعرة ومدح فزاد في المجسمة يريد بالمجسمة الحنابلة وعلماء الحديث وهي عبارة تدل على فرط السخافة فإن كان الذهبي متعصباً فتعصبه نشأ عن خطاءٍ في الاجتهاد وتعصب التاج عن عناد ولجاج غير أن الزمان سيسقط كل مموه أياً كان فينتفع بكتابه بمثل ذكر ما للمؤلف من مؤلَّف ونحو ذلك.
والكتاب جيد الطبع على الجملة يطلب من مكتبة مصطفى أفندي فهمي بخمسين قرشاً مصرياً فنحث على اقتنائه فإن حسناته كثيرة ولا يجوز أن يزهد في عقد من اللؤلؤ إذا كان فيه بعض الخرز. والصيرفي الحاذق ينقد الدينار الخالص من الستوق الزائف. ونثني على طابعه أجمل ثناء.
سياحة في القطر المصري - هو كتاب في نحو ١٥٠ صفحة فيه مباحث اجتماعية وتاريخية عن البحيرة والشرقية والفيوم وأسيوط وغيرها ومباحث عمومية عن العربان والأمن العام وغير ذلك مما له علاقة بحياة هذه المديريات المهمة في القطر المصري ساح فيها عوض أفندي واصف صاحب مجلة المحيط ورئيس تحرير جريدة مصر وتكلم عن شؤونها بما دله عليه اختباره وفضله وقد نشرها أولاً في مصر ثم جعلها ملحقاً لمجلة المحيط وأرسلها لمشتركيه في العام الماضي وهي تطلب من مؤلفها وفيها من الفوائد ما يرغب فيه كل مصري أديب فنحث على اقتنائها ونشكر لرصيفنا عنايته وهديته.