وممن خدم صلاح الدين أيضاً بالطب أبو منصور النصراني وأبو النجم النصراني وأبو الفرج النصراني وخدم هذا الملك الأفضل نور الدين علي بن صلاح الدين ثم صار أولاده خدمة أولاد الملك الأفضل. وخدم أبو الحجاج يوسف الإسرائيلي بالطب الملك الظاهر غازي بن الملك الناصر صلاح الدين وكان يعتمد عليه وخدم أيضاً الأمير فارس الدين ميمون القصري. وكان عمران الإسرائيلي حظياً عند الملوك واعتمدوا عليه ونال من جهتهم الأموال الجسيمة والنعم التي تفوق الوصف ولم يخدم أحداً من الملوك في الصحبة ولا يقيد معهم في السفر وحرص به الملك العادل بأن يستخدمه في الصحبة فما فعل وكذلك غيره من الملوك.
وكان موفق الدين يعقوب المسيحي خدم الملك المعظم عيسى وصار معه في الصحبة وكان حسن الاعتقاد فيه حتى انه كان يعتمد عليه في كثير من الآراء الطبية وغيرها فينتفع بها ويحمد عواقبها وقصد الملك المعظم أن يوليه بعض تدبير دولته والنظر في ذلك فما فعل واقتصر على مداومة صناعة الطب فقط وكان قد عرض للحكيم يعقوب في رجليه نقرس وكان يثور به في أوقات يألم بسببه وتعسر عليه الحركة فكان الملك المعظم يستصحبه في أسفاره معه في محفة ويفتقده ويكرمه غاية الإكرام وله منه الجامكية السنية والإحسان الوافر.
وخدم صدقة السامري بالطب الملك الأشرف موسى بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب وبقي معه سنين كثيرة في الشرق وكان يحترمه غاية الاحترام ويكرمه كل الإكرام ويعتمد عليه وله منه الجامكية الوافرة والصلات المتواترة. وكان مهذب الدين يوسف بن أبي سعيد السامري شمس الحكماء في خدمة الملك الناصر صلاح الدين وخدم أيضاً لعز الدين فرخشاه بن شاهان شاه بن أيوب وخدم بعده لولده الملك الأمجد مجد الدين بهرام شاه وحظي في أيامه من جهته من الأموال والنعم شيئاً كثيراً وكان يستشيره في أموره ويعتمد عليه في أحواله.
هكذا كان عظماء الإسلام يعاملون أهل ذمتهم من نصراني ويهودي وسامري ومجوسي. يبوحون لهم بأسرارهم ويطلعونهم على خويصة أنفسهم ويوسدون إليهم مهمات أمورهم