* * *
ومائدة نسْجُ الدمقس غطاؤها ... بمجلس شبان هم أنجم العصر
رقى من أعاليها الفنغراف منبراً ... محاطاً بأصحاب غطارفة غُر
وفي وسط النادي سراج منور ... فتسحبه بدراً وهم هالة البدر
فراح بإذن العلم يُنطق مقولاً ... عرفنا به أن البيان من السحر
فطوراً خطيباً يحزن القلب وعظه ... وطوراً يسرّ السمع بالعزف والزمر
يفوه فصيحاً باللُّغا وهو أبكم ... ويسمع ألحان الغنا وهو ذو وقر
أمين أبى التدليس في القول حاكياً ... فتسمعه يروي الحديث كما يجري
تراه إذا لقنته القول حافظاً ... تمر الليالي وهو منه على ذُكر
فيا لك من صنع به كل عاقل ... أقر لآديسون بالفضل والفخر
فقلت وقد تمت شقائق هدره ... ألا إن هذا الشعر من أعجب الشعر
* * *
وأصيد مأثور المكارم في الورى ... يريك إذا يلقاك وجه فتى حر
يروح ويغدو في طيالسة الغنى ... ويقضي حقوق المجد من ماله الوفر
تخونه ريب الزمان فأولعت ... بأخلاقها ديباجتيه يد الفقر
فأصبح في طرق التصعلك حائراً ... يجول من الإملاق في سَمَلٍ طمر
كأن لم يرح في موكب العز راكباً ... عتاق المذاكي مالك النهى والأمر
ولم تزدحم صيد الرجال ببابه ... ولم يغمر العافين بالنائل الغمر
فظلَّ كئيب النفس ينظر للغنى ... بعين مقلّ كان في عيشة المثري
إلى أن قضى في علة العدم نحبه ... فجهزه من مالهم طالبو الأجر
فرحتُ ولم يحفل بتشييع نعشه ... أشيعه في حامليه إلى القبر
وقلت وأيدي الناس تحثو ترابه ... ألا أن هذا الشعر من أحزن الشعر
* * *
ونائحة تبكي الغداة وحيدها ... بشجو وقد نالته ظلماً يد القهر
عزاه إلى إحدى الجنايات حاكم ... عليه قضى بطلاً بها وهو لا يدري