ويضعوا أنفسهم في مصاف من لهم من الإيراد ما يساوي ملكهم وكذلك البخلاء المقترون ممن إذا رأيتهم حسبتهم من الفقراء المدقعين مثلهم كمثل البغال والحمير يحملون الفضة والذهب ويأكلون التبن والشعير فلو نظر لظواهر هؤلاء وفرضت الضرائب على تلك النسبة ظلم الأولون وتضررت الحكومة بخسة الآخرين.
ومع شدة عناية الدول المتمدنة بإيجاد واسطة لوضع الضرائب بالعدل لتعم كل فرد وتؤخذ منهم على نسبة واحدة لكي لا يكلف الضعيف بالكثير ولا القوي بالقليل لم ينجحوا حتى الآن. بيد أن سعيهم هذا جعلهم يقربون من العدل وكذا المسلمون في صدر الإسلام بذلوا قصارى جهدهم من أجل أن يعدلوا بين الرعية في حفظ النسبة بين الإيراد والضرائب. جاء في كتاب الخراج ص ٢٠ فمسح عثمأن الأرضيين وجعل على جريب العنب عشرة دراهم وعلى جريب النخل ثمانية دراهم وعلى جريب القصب ستة دراهم وعلى جريب الحنطة أربعة دراهم وعلى جريب الشعير درهمين وعلى الرأس اثني عشر درهماً وأربعة وعشرين درهماً وثمانية وأربعين درهماً وعطل من ذلك النساء والصبيان. أهم وقال: حدثني الحجاج بن ارطاة عن ابن عوف أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه مسح السواد ما دون جبل حلوأن فوضع على كل جريب عأمر أو غأمر لينال الماء بدلو أو بغيره زرع أو عطل درهماً وقفيزاً وأحداً ومن كل رأس موسر ثمانية وأربعين درهماً ومن الوسط أربعة وعشرين درهماً ومن الفقير اثني عشر درهماً وختم على أعناقهم رصاصاً وألغى لهم النخل عوناً لهم وأخذ من كل جريب الكرم عشرة دراهم ومن كل جريب السمسم خمسة دراهم ومن الخضر من غلة الصيف من كل جريب ثلاثة دراهم ومن كل جريب القطن خمسة دراهم.
وقال: ثم حمل الأموال على قدر قربها وبعدها فجعل على كل مائة جريب زرع مما قرب ديناراً وعلى كل مائتي جريب مما بعد ديناراً وعلى كل ألف أصل كرم مما قرب ديناراً وعلى كل ألفي أصل من بعد ديناراً وعلى الزيتون على كل مائة شجرة مما قرب ديناراً وعلى كل مائتي شجرة مما بعد ديناراً وكان غاية البعد عند مسيرة اليوم أو اليومين وأكثر من ذلك فتبين من هذا أن مراعاة النسبة للإيراد الصافي من الأمور التي يجب أن يعنى بها في طرح الضرائب.