النظر قرروا لكل طعام الوقت الذي يصرفه في المعدة بيد أنه يمكن أن يمر في الأحشاء وهو غير مهضوم وغير قابل للتعديل. ويفضل أن ينظر كل طعام سريع على الهضم لأنه يستحيل في الحال إلى كيموس متشابه وأن من الصعب تحقيق أمر هذه الكيموسة. والأفضل أن يعمد في ذلك إلى أن يعمد في ذلك إلى التعريف العامي وهو أن كل طعام سريع الهضم إذا هضم بدون أن يدركه الإنسان وكل طعام لا يهضم هو الذي يحدث ثقلاً وانتفاخاً وتجشؤاً. وقد وضع الكيماويون والفسيولوجيين في كل زمان طبقات للطعام على قابليتها للهضم وعدمه فلم يكن بحثهم إلا تقرير الرأي الشائع. وإنا لا نذكر هنا ما وضعوه من القوائم والفهارس لأنك تجدها في جميع المعمودين بدون تمييز. بيد أن بعض الناس على لطافة معدهم يهضمون بعض الأطعمة الصعبة الهضم. دع عنك الاستعداد الشخصي الذي لا يحسن الأطباء تفسيره ويزخرفونه ستراً لجهلهم باسم مفخم فيدعونه (الأديوسأنكرازيا) وهو الميل أو الكراهة لبعض الأمور وينشأ من استعداد خاص بالمزاج. ثم أني أرى من الأشبه أن يقال أن هذه الأطعمة قابلة للهضم لأنه يلذ المرء تنأولها ولا ينبغي أن يستنتج من هذا أن كل طعام يروق في الذوق يكون سهلاً على الهضم فإن عكس ذلك هو المألوف وأحسن ما يجدر في هذا الباب تعاطيه أن يثق المرء باختباره الخاص. وعلى كل فإن بعض الأصناف من الغذاء سيئة الأثر في جميع المعمودين وهي الأطعمة المهيجة والأطعمة الدسمة. فإن الفلفل الأحمر والبهار والخردل والتوابل المصنوعة في الخل والطرطور الإنكليزي تهيج شهوة الطعام وليس سوى تهيج المخاطيات فينبغي الإمتاع عنها وكذلك الحال في الأدوية المفتحة (كالمياه المعدنية وغيرها) والإبسنت والخمر فإنها كلها تقاس على ما تقاس عليه تلك المشهيات أما الأطعمة الدسمة فإن فيها عائقاً أخر لأن الدهن يتحد مع مخاط المعدة فيمنع عنها البروز ويقاوم هجوم الأطعمة بالعصير المعدي.
ومن المبادئ المقررة التي ينبغي للمعمود الجري عليها أن يكون طعامه لا دسم فيه ولحمه لا دهن فيه وسمكه كذلك وأن تكون الثمار التي يتنأولها غير زيتية. وهنا اعتراض وهوانه كيف يتأتى تحضير الأطعمة إذا منع الطاهي من وضع شجم الخنزير والدهن و (السلسات) الدسمة فإن معنى ذلك على أيدي الطاهي بحيث يتعذر عليه أن يحسن طبخ الطعام فيكون من ذلك على المعمود أشق من مرضه على أنه يمكن استخدام مادتين دسمتين سهلتين على