يعثرون في رومية في الأحايين على ثلاث بنايات منضدة بعضها فوق بعض وقد تراكمت عليها الأطلال فعلا التراب في سفح التلال بضعة أمتار.
بقيت مدينة برمتها لم تمسسها طوارق الحدثان وذلك بحادث طبيعي جرى عام ٧٩ للمسيح وهو أن بركان فيزوف في إيطاليا قذف سيلاً من الحمم مائعة أمطرت رماداً فانكشفت للحال مدينتان رومانيتان كانتا مدفونتين وهما هيركولانوم وبومبيه. وكانت الأولى تحت الحمم السائلة والثانية تحت الرماد. وقد أحرقت الحمم المتاع وغشاها الرماد وحفظها من الهواء فبقيت سالمة. وكلما أزيح الرماد تظهر مدينة بومبيه للأعين على نحو ما كانت عليه منذ ثمانية عشر قرناً. وإنك لترى في بلاطها بعد مجرات العجلات وآثار سير المركبات وصوراً خطت بالفحم في الحيطان ونقشاً وأثاثاً وماعوناً وخبزاً وجوزاً وزيتوناً في الدور والمساكن وهياكل عظام من دهمتهم الكارثة مبعثرة مبددة. وبهذا عرف القارئ أن الآثار والمعاهد تفيدنا كثيراً في الوقوف على حالة الشعوب القديمة. ويدعى علم الأزمنة القديمة أركيولوجيا.
الرسوم - نعني بالرسوم كل ما يشمل الخطوط عدا الكتب فمعظم الرسوم زبرت على الحجر وحفر بعضها في صفائح من القلز ووجد منها في مدينة بومبيه ما زبر على الجدران بالأصباغ أو بالفحم. وأن بعض هذه الرسوم لتمثل تذكارات وقائع أو رجال كما هو جار الآن عند الإفرنج فيما يقيمونه من تماثيلهم وبناياتهم. وهكذا نرى الإمبراطور أغسطس دوَّن حياته على معهد انسير ومعظم هذه الرسوم عبارة عن كتابات زبرت على القبور ويماثل بعضها الإعلانات لعهدنا فتحتوي على قانون أو نظام تراد إذاعته بين القوم. ويدعى علم الرسوم ابيكرافيا.
اللغات - تفيد اللغات التي نطقت بها الشعوب القديمة في بيان تاريخهم فإذا فهم الباحث كلمات من لغتين مختلفتين ينجلي له أحياناً أن أصل هذين اللسانين واحد ويسجل بأن الشعوب التي تتكلم بها خرجت من نبعة واحدة. ويدعى علم اللغات لينكستيك.
النواقص - لا يذهبن ذاهب إلى أن الكتب والمعاهد والأطلال واللغات تكفي للإحاطة بتاريخ القرون السالفة فإن فيها تفاصيل جمة يمكن الاستغناء عنها وما ترغب نفوس الباحثين في استبطان حقيقته قد يعز عليها ويفر منها. وما برح العلماء يحفرون ويحلون