مسيو لشاتليه من كبار علماء المشرقيات المنصرفين في فرنسا إلى دراسة أحوال الشرق ولاسيما أهل الإسلام وبلادهم قضى في ذلك السنين الطويلة وهو اليوم رئيس مجلة العالم الإسلامي الفرنسوية وله في الأبحاث المشار إليها عدة مصنفات ممتعة ومنها هذا الكتاب الذي أتحفنا بنسخة منه قرأنا فيها أدلة على فضله وتحقيقه فقد تكلم فيه على مسلمي غربي أفريقية كلام من رحل إليهم وخالطهم وعرف عجرهم ونجرهم وشفع كلامه بنصوص تاريخية ووصف أحوالهم الاجتماعية والدينية والمعاشية والسياسية في سفر ضخم وقع في زهاء ٣٧٠ صفحة وشفعة بمصورات تفيد القارئ إذا أراد أن يتصور تلك البلاد. ومما استنتجته أن الإسلام عريق في تلك البلاد يرد عهده إلى زمن عمرو بن العاص لما فتح مصر وجاءه ستة من البربر ودانوا بالإسلام وراحوا ينشرونه بين أهلهم وعشيرتهم وأن الويز دي كاداموستو قال سنة ١٤٥٥ أن الإسلام يزداد انتشاره بين قبائل الزنوج في أفريقية الغربية. ومن رأي المؤلف أن الدين المحمدي يعم الزنوج في أفريقية إذا لم يستخدم المرسلون الكاثوليك والبروتستانت لتنصير من بقي منهم من بلا دين. وعلى الجملة فقد وصف بلاد السودانيين والصحراء والبربر والعرب بما لم يبق بعده مجال لقائل شأن العارفين المحققين الذين يؤلفون ويحسنون فجاء هذا الكتاب مرجعاً يستفتيه كل من تهمة دراسة أحوال أولئك الزنوج.
منهل الوراد
قسطاكي بك من أعيان حلب مشهور بأدبه وفضله ألف بعد بحث ستة عشر عاماً كتاباً في علم الانتقاد أصدر الجزء الأول منه في نحو ثلاثمائة صفحة تكلم فيه على علم النقد عند العرب وقال أنه لم يكن معروفاً عندهم أيام استبحار العلم والحضارة في أقطارهم وأن ما عرف عنهم لا يصح في الأكثر أن يسمى نقداً وتكلم على تاريخ النقد عند سائر الأمم وفي القرون الوسطى والقرون الحديثة وعلى أساليب الإنشاء ورتب الشعر وطبقاته وأفاض في ذلك فهذا الجزء الأول هو في تاريخ النقد وموضوعه استوفى تاريخه عند الإفرنج أكثر مما استوفاه عند العرب والجزء الثاني وهو تحت الطبع في قواعد هذا الفن وفروعه. وقد أهدى المؤلف كتابه لطلاب العلم وتلاميذ المدارس عسأهم يقعون على فائدة في تضاعيف سطور صرف المصنف على تدوينها شطراً من العمر قائلا أنه خالف بذلك عادة متقدمي