أرملة السكران وهو ممن كان أسلم وهاجر إلى بلاد الحبشة فراراً بدينه وبنفسه من قريش وقد توفي في منفاه وأبقى من بعده أمرأته في أشد البؤس والشقاء. وعوائد البلاد لا تمكنه من مساعدة هذه المسكينة الفقيرة أن لم يتزوج بها لذلك نرى أن مبادئ الإنسانية والشفقة تحتم عليه اتخاذها زوجاً له على إنه كان حينئذ في أضيق الحالات.
وكان عبد الله بن عثمان بن أبي قحافة المعروف بعد ذلك في التاريخ (بأبي بكر) من أتقى الأتباع وأشدهم تعلقاً بالنبي وأسبقهم للإسلام وهو أشبه بعلي بن أبي طالب من حيث حبه للنبي وكانت له ابنة صغيرة اسمها عائشة فكإن جل قصده أن يمكن علاقته بالنبي بتزويجه ابنته وكانت في السابعة من العمر إلا أن عوائد البلاد تسمح بذلك الزواج وبعد الإلحاح صارت تلك الآنسة الصغيرة في مصاف الزوجات الطاهرات.
وبعد مدة من وصول المهاجرين إلى المدينة حدثت مسألة تدل على حال المعيشة العربية في ذاك الزمن وكل من عرف العرب وعرف أنهم أهل أنفة وحرب وأثار يتيسر له أن يدرك سر هذه الحادثة وهي أن عمر بن الخطاب الخليفة الثاني كانت له ابنة اسمها حفصة فقدت زوجها في غزوة بدر وكانت صعبة المراس وصعبة المزاج كأبيها لذلك كان يتجنبها الصحابة ويكرهون التزوج بها فكان هذا كاللوم والتوبيخ عند أبيها وليدفع عن نفسه ذلك عرضها زوجة على أبي بكر فأبى ثم عرضها على عثمأن فأبى فذهب مغضباً إلى النبي ليشكو إليه ما لحقه من العار فكان لا بد من إرضائه وتستكين غضبه بحل هذا النزاع وأسبابه الواهية من المضحكات لكنه كان كافياً في ذلك الزمن لإشعال نار الفتنة بين المؤمنين وهم في أول أمرهم فتدارك النبي ذلك وسكن غضبة عمر بتزوجه ابنته وهكذا أرضى أصحابه وأصلح ذات البين.
ومن زوجاته هند أم سلمة وأم حبيبة وزينب أم المساكين وهن أيضاً كن أرامل ذهبت عداوة قريش بمن يعيلهن وامتنع قرابتهن عن مساعدتهن أو لم يكونوا أكفاء قادرين.
وكان النبي زوّج صديقه ومولاه زيداً سيدة اسمها زينب تنتسب لبيتين من أشرف بيوت العرب فلفخرها ونسبها وربما بجمالها أيضاً كانت تغتاظ من زواجها بمولى من الموالي وربما زاد الطين بلة تكرار زينب في حال مناسبة كليمات كان قالها النبي وقد زار زيداً ورآها مكشوفة الوجه وهي (سبحان الله العظيم سبحان الله مصرف القلوب) - جملة يقولها