للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

= أليس من العقل أن لا تبالي بكلام الجاهلات اللواتي لا يميزن بين الحسن والقبيح وأنت لست من اللواتي يتزين ليلة العرس ليغرن أزواجهن حتى يملكن قلبهم فإنت ملكت فؤادي منذ كنت طفلاً ومكانك لا يزيده لباسك وتبرجك شيئاً في عيني ولا تنقصه بساطة ردائك ويا ليتك كنت جعلت البساطة زياً بين الناس لأنه ينظر إليك والنساء يقلدونك ولكن كما قلت أن الإنسان مهما ارتقى لا يزال مقيداً بقيود الأوهام. وأما عدم تصبري وخيانتي لعهدك فهذا أمر مقدر المقدر محتوم والأشياء مرهونة بأوقاتها ولا يستطيع بشر أن يفر من القدر ولذلك لا أرى محلاً للوم

= أن هذه العبارات عبارات العجزة الذين إذا أخطئوا وأسأوا رجعوا بخطئهم على القدر وشكوا من الدهر وإذا أحسنوا منوا وافتخروا.

= دعينا من الفلسفة والكلام فلنطرب بألحان المغنيات ونترنم بآلات الطرب لأن هذه الساعة ساعة طرب وهي الليلة التي لا تتكرر في حياتنا والأيام بيننا سنتجاذب أطراف الحديث ونبيع بعضنا بعضاً من الحكم والحقائق ما تشاء

وثاني يوم العرس عهد الباشا إلى بأن يتصرف بمنزله كما يتصرف كما يشاء ووكل إليه أشغاله الخاصة وصار يتصرف بالصدق والاستقامة واقتصد كثيراً من النفقات وغدا هو المرجع ومن كان له حاجة عند الباشا كان يأتيه فيلتمسها منه وهو يحسن معاملة الناس حتى استجلب قلوبهم وكأن يساعد المغدور ويسعى في استحصال حق المظلوم من الظالم. وتكلم مع الباشا على أن يسعى في ترقية وظيفته فوعده بذلك ففرح وقوي أمله بالسعادة وصار يوفر رواتبه ويوفي ديونه حتى اشترى سندات البنك العقاري وتحويلات سكة حديد الروم ايلي واشترى حصانين ليربيهما وأخذ يتسع خياله يتسع وآماله تكبر شقاؤه فهو يأكل ويشرب وينام ولا يدفع بارة ويتنزه بعربة الباشا ولا يصرف إلا القليل فتخلص من الطلب والدين.