للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسولاً؟، فيقول: " اللهُ الله أرسلني رسولاً " (١)، فكان (٢) يصدقه (٣) بيمينه وينصرف، ويقول الآخر إذا قدم عليه، ونظر إليه: والله ما هذا وجه كذاب (٤)، وأمثال ذلك مما لا يحصى، بل كان يُسلِمُ في غزوةٍ واحدةٍ في عصر الصحابة آلاف، لا يفهم الأكثرون منهم أدلة الكلام، ومن كان يفهم، فيحتاج أن يترك صناعته، ويختلف إلى مُعلِّمِهِ مُدَّةً، ولم ينقل قط شيءٌ من ذلك. فعلم (٥) علماً ضرورياً أن الله تعالى لم يكلف الخلق الإيمان والتصديق على طريقة المتكلمين.


(١) أخرج البخاري (٦٣)، ومسلم (١٢)، والترمذي (٦١٩)، والنسائي ٤/ ١٢٣ - ١٢٤، وأبو داوود (٤٨٦) من حديث أنس بن مالك قال: بينما نحن جلوس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، دخل رجلٌ على جمل، فأناخه في المسجد، ثم عقله، ثم قال لهم: أيكم محمد - والنبي - صلى الله عليه وسلم - متكيء بين ظهرانيهم، فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكىء، فقال له الرجل: ابن عبد المطلب، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: قد أجبتُك، فقال الرجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إني سائلك فمشدِّدٌ عليك في المسألة، فلا تجد علي في نفسك. فقال: " سل عما بدا لك "، فقال: أسألُك بربِّك ورب من قبلك، آلله أرسلك إلى الناس كلهم؟ فقال: " اللهم، نعم "، قال: أنشدك بالله، آلله أمرك أن نصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة، قال: " اللهم، نعم " قال: أنشدك بالله، آلله أمرك أن نصوم هذا الشهر من السنة؟ قال: " اللهم، نعم "، قال: أنشدك بالله، آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا، فتقسمها على فقرائنا؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم، نعم "، فقال الرجل: آمنت بما جئت به، وأنا رسول من ورائي من قومي، وأنا ضِمامُ بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر.
(٢) في (ش): وكان.
(٣) في (أ): " يصدق "، وفي (ش) و (ج): " تصديقه ".
(٤) أخرج أحمد ٥/ ٤٥١، والترمذي (٢٤٨٧)، والدارمي ١/ ٣٤٠، وابن ماجه (١٣٣٤) و (٣٢٥١) من طريق عوف بن أبي جميلة، عن زرارة بن أوفى، عن عبد الله بن سلام، قال: لما قَدِمَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: انجفل الناس عليه، فكنت فيمن انجفَلَ، فلما تبينت وجهه، عرفتُ أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء سمعته يقول: " أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصلُّوا والناسُ نيامٌ، تدخلوا الجنة بسلام ". وصححه الحاكم ٣/ ١٣، ووافقه الذهبي، وله شاهد من حديث أبي هريرة عند الحاكم ٤/ ١٢٩.
وقوله: " انجفل الناس عليه " أي: ذهبوا إليه مسرعين.
(٥) في (ش): فعلمنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>