للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممَّا يُحتج به لأهل هذا القول ما أجمع عليه المسلمون من جواز وقوع الوسوسة في أمر العقائد الدينية، وورد (١) القرآن بذلك في قوله تعالى لخليله عليه السلام: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠]، وقال علماء الاعتزال: إن العلم الاستدلالي لا يرفع الوسوسة.

وقال إمام العلوم العقلية والسمعية الشيخ تقي الدين في " شرح العمدة " (٢): وفي الفرق بين ما يقع من ذلك (٣)، وما لا يقع إشكالٌ. انتهى.

وقيل في جواب ذلك: إنَّ الوسوسة إن كانت في أركان الدليل، كانت شكّاً يُزيلُ العلم، ووجب تجديد النظر، وهو قول أبي هاشم وأصحابه الذين لا يوجبون الانتهاء في النظر إلى المقدمات الضرورية بل يُجيزون (٤) الاقتصار عند سكون النفس بأركان الدليل، ولا يُبالون بالوسوسة إلاَّ فيها. وهذا إن صح عندهم (٥) نازلٌ جداً، فإنه يستحيل أن تكون أركانٌ الدليل التي هي عبارة عن المقدمات يقينية معلومة لا شكَّ


(١) في (ش): " وورود "، وفي (ب): " ورد ".
(٢) ذكر ذلك في نهاية شرح حديث صفية بنت حيي رضي الله عنها ٢/ ٢٦١، ونص كلامه: وفي الحديث دليل على هجوم خواطر الشيطان على النفس، وما كان من ذلك غير مقدور على دفعه لا يؤاخذ به لقوله تعالى: {لا يكلِّف الله نفساً إلاَّ وسعها}، ولقوله عليه السلام في الوسوسة التي يتعاظم الإنسان أن يتكلم بها " ذلك محض الإيمان "، وقد فسّروه بأن التعاظم لذلك محض الإيمان، لا الوسوسة، فكيفما كان ففيه دليل على أن تلك الوسوسة لا يؤاخذ بها، نعم في الفرق بين الوسوسة التي لا يؤاخذ بها وبين ما يقع شكّاً إشكال، والله أعلم.
(٣) في (ج): " ذلك شكّ "، وفي (ش): ذلك شكّاً.
(٤) في (ش): يجوزون.
(٥) سقطت من (ب)، وفي (ش): عنهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>