للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشار إلى ذلك الغزالي حيث قال في " التهافت " (١) أو في " المنقذ مِن الضلال " ما معناه: إنَّ مَنْ وقف على كلام الفلاسفة في علم المنطق، وشرائط إنتاج المقدِّمات، والانتهاء إلى الضرورة فيها، اغترَّ بهم، وظنَّ أن أدلتهم في الإلهيات ونحوها مبنيةٌ على مثل ذلك التحقيق، وليس كذلك. وهذا (٢) عندي من أنفس الكلام لمن كان من العارفين قد غلط في ظن تحقيقهم، فتأمله.

وبالغ الغزالي في كتبه في أن الطريق إلى اليقين من كتب الكلام مُسدَّد (٣)، وأشار إلى أنه حصل له اليقين بعد طلبه من الله تعالى بطريق الموهبة بعد الخلوة والتخلي من الدنيا وشواغلها، والإقبال بالكلية على الله تعالى (٤) وإنما قل (٥) ذكر مثل ذلك في كلام المعتزلة لقنوعهم بالاستدلال الذي يصحبه تجويز ورود الشكِّ والشبهة، واعتقادهم أنه


= " الفنون " وهو كتاب كبير جداً، فيه فوائد كثيرة جليلة في الوعظ، والتفسير، والفقه، والأصلين، والنحو، واللغة، والشعر، والتاريخ، والحكايات، وفيه مناظراته ومجالسه التي وقعت له، وخواطره ونتائج فكره قيدها فيه.
وقال ابن الجوزي: وهذا الكتاب مئتا مجلد، وقع لي منه نحو من مئة وخمسين مجلدة.
وقال عبد الرزاق الرسعني في " تفسيره ": قال لي أبو البقاء اللغوي سمعت الشيخ أبا حكيم النهرواني يقول: وقفت على السفر الرابع بعد الثلاث مئة من كتاب " الفنون ".
وقال الحافظ الذهبي في " تاريخه ": لم يصنف في الدنيا أكبر من هذا الكتاب، حدثني من رأي منه المجلد الفلاني بعد الأربع مئة.
قلت: وقد طبع منه جزء في دار المشرق بلبنان سنة ١٩٦٩، وهي طبعة رديئة يفشو فيها التصحيف والتحريف.
(١) انظر ص ٢ - ٦، وانظر " المنقذ من الضلال " ص ١٠٦.
(٢) في (ش): وهو.
(٣) في (ب): سدد.
(٤) انظر " المنقذ من الضلال " ص ١٣٨ - ١٤٣.
(٥) في (ش): قل من.

<<  <  ج: ص:  >  >>