أبو نعيم: حدثنا الحسين بن محمد، حدثنا شاكر بن جعفر، سمعت أحمد بن محمد التستري، يقول: ذكروا أن أحمد بن حنبل أتى عليه ثلاثة أيام ما طَعِمَ فيها، فبعث إلى صديق له، فاقترض منه دقيقاً، فجهَّزوه بسرعة، فقال: كيف ذا؟ فقالوا: تنَّورُ صالح مُسْجَرٌ، فخبزنا فيه، فقال: ارفعوا، وأَمَرَ بسدِّ بابٍ بينه وبين صالح.
قلت: لكونه أخذ جائزة المتوكل.
قال يحيى بن معين: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل صحبناه خمسين سنة ما افتخر علينا بشيء ممَّا كان فيه من الخير.
قال عبد الله بن أحمد: كان أبي يقرأُ كُلَّ يوم سُبعاً، وكان ينامُ بعد العشاء نومةً خفيفة، ثم يقوم إلى الصباح يُصلِّي ويدعو.
وقال صالح: كان أبي إذا دعا له رجلٌ، قال: ليس يحرز الرجل المؤمن إلاَّ حفرته، الأعمال بخواتيمها. وقال لي في مرضه: أخرج كتاب عبد الله بن إدريس، فقال: اقرأ عليَّ حديث ليث: إنَّ طاووساً كان يكره الأنين في المرض. فما سمعتَ لأبي أنيناً حتى مات .. وسمِعَه ابنه عبد الله يقول: تمنيت الموت: وهذا أمر أشدُّ عليَّ من ذاك، ذاك فتنةُ الضرب والحبس، كنت أحملُه، وهذه فتنةُ الدنيا.
قال أحمد الدورقي: لما قَدِمَ أحمد بن حنبل من عند عبد الرزاق، رأيتُ به شُحوباً بمكة. ولد تبيّن عليه النَّصبُ والتَّعَبُ، فكلمته، فقال: هيِّن فيما استفدنا من عبد الرزاق.
قال عبد الله: قال أبي: ما كتبنا عن عبد الرزاق من حفظه إلاَّ المجلس الأول، وذلك أنا دخلنا بالليل، فأملى علينا سبعين حديثاً. وقد