للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوعيدُ فيمن افترى على عينيه في الأحلام (١)، فكيف بمن افترى على عقله في قواعد الإسلام.

وذكر ابن متويه في الألوان أن طريقة الحصر إنما تكون حجة حيث تؤدِّي إلى ما لا يعقِلُه أصلاً، وهذا ضعيفٌ جداً، فإنه إن أراد بما لا نعقله أصلاً ما لا نعلمه بنفيٍ ولا إثباتٍ، فمحل النزاع، وإن أراد ما نعلم نفيه، فغير محلِّ النِّزاع.

وأيضاً فإن أراد ما لا يتصوره لعدم إلفِنَا له، لَزِمَهُ بطلان القِدَم، فإنَّ العقول تنبو عن تصوُّره لعدم إلفِهَا له، ولأنه لا نهاية له كما ذكره أهل علم المعقولات، وكذلك لا يمكن تصوُّر ذات الله عز وجلّ، مع أنها أحق الحق، والمختصَّة بوجوب الوجود.

وإن أراد بما لا نعقله أصلاً ما نعلم بفطرة العقول إحالته وامتناعه، فالعلم بذلك دليل على انتفائه، وقد خرج بذلك عن الاستدلال على نفيه بعدم الدليل على نفيه (٢)، ولو كان كلام ابن متويه صحيحاً، لكان أكبر حُجَّةٍ لخصومه حيث قالوا: إنهم يعلمون بالضرورة إن كل موجوديْن، إما أن يَحُلُّ أحدُهما في الآخر،


(١) أخرج أحمد ١/ ٩٠ و٩١ و١٣١، والترمذي (٢٢٨١) و (٢٢٨٢)، والحاكم ٤/ ٣٩٢ من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه رفعه: " من كَذَبَ في حُلْمِهِ، كُلِّف يوم القيامة عقد شعيرة ".
وأخرجه من حديث ابن عباس: أحمد ١/ ٢١٦ و٢٤٦، والبخاري (٧٠٤٢)، والترمذي (٢٢٨٣)، وأبو داود (٥٠٢٤)، والبغوي في " شرح السنة " (٣٢١٨)، والطبراني في " الكبير " ١١/ (١١٨٣١) و (١١٨٥٥) و (١١٨٨٤) و (١١٩٢٣) و (١١٩٦٠) بلفظ: " من تحلَّمِ بحُلْمٍ لم يره كُلِّفَ أن يعقد بين شعيرتين، ولن يفعل ".
وأخرجه من حديث ابن عمر: البخاري (٧٠٤٣) بلفظ: " مِنْ أفرى الفِرى أن يُرِي عينه ما لم تَرَ ".
وأخرجه البخاري معلقاً من حديث أبي هريرة (٧٠٤٢) عقب حديث ابن عباس المتقدم. وانظر " تغليق التعليق " ٥/ ٢٧٤ - ٢٧٥.
(٢) " على نفيه " ساقطة من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>