للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعدم الممارسة في ذلك.

فالجواب من وجوه:

أحدها: أن ممارسة الكلام يُمَرِّضُ العقول، وتلجىء كثيراً منهم إلى مخالفة الفطرة الأوّلة، كالموسوسين في الطهارة، ولذلك لا يكون في أهل الفِطَرِ والجمل من يلزمُه جحدُ الضرورة، وفي كل طائفةٍ من المتكلمين من يلزمه ذلك، فإن ترك (١) الممارسة أصحُّ للعقل.

وثانيها: أن الفلاسفة أئمة المدقِّقين، وقد تطابقوا على مطابقة السمع هنا من بعض الوجوه، وعضدوا السمع والفطرة، وقاوموا من خالفهما بمجرَّد التدقيق، قالوا: ولا شك أن رأي (٢) الجزم (٣)، وسبيل (٤) النجاة هو مذهب أهل السنة في مثل هذه المشكلات، لأنه أبعد من الكفر، وأقرب إلى الإيمان على قواعد الجميع.

ألا ترى أن الجميع متفقون على أن الكفر هو مخالفة السمع الجليِّ (٥)، لا مخالفة المعقول الجليِّ، فإن من خالف ضرورة العقل التي لم يَرِدْ بها الشرعُ، فزعم أن بعض الأشربة الحُلوة مرَّة، وبعض الأدوية النافعة ضارة، لم يكفر بإجماع المسلمين؟ فكيف بمن (٦) خالف أدلَة المتكلمين التي في علمه الجواهر والأعراض مع دقَّتها، وطعن كثيرٌ منهم فيها، وتوقَّف بعضهم بَعْدَ طول النظر فيها (٧)؟.


(١) في (ج): تلك.
(٢) ساقطة من (ش).
(٣) في (ب): الحزم.
(٤) في (ش): وسيلة.
(٥) في (ش): المعلوم الجلي.
(٦) في (ش): من.
(٧) من قوله: " السمع الجلي " إلى هنا جاءت في نسخة (ب) بعد قوله: " والمناصحة لا المجارحة ".

<<  <  ج: ص:  >  >>