للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِن حديث عمرَ بنِ الخطاب في قصته مع هِشام بن حكيم (١). وله طرق عن ثمانيةَ عشر صحابياً (٢).

وفيه حجة واضحة على أن الاختلاف في الأفعال مع التصويب ليس هو الاختلافَ المنهيُّ عنه. ألا تراهُ صوَّبهما في اختلافهما في القراءة، وقالَ: " كلاكُما محسن " وإنما حرَّم عليهم المماراة في ذلك، على وجه تقبيح كل واحدٍ منهما لقراءة الآخر؛ لأن ذلك مفضٍ إلى العداوة، وافتراق كلمة الإسلام. وإلى هذا أشار القرآن الكريم، حيث قال: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: ٤٦] أي قُوَّتكم.

فثبتَ تحريمُ ذلك، وما يؤدي إليه، بالكتاب والسُّنةِ. وما يَعْقلُها إلا العالمون.

ويُوَضحُ ذلكَ من كتاب الله، ما حكاهُ اللهُ تعالى: من اختلاف سليمان وداود -عليهما السلام- مع الثناء عليهما، حيث قال: {ففهَّمناها


(١) رواه البخاري (٢٤١٩) و (٤٩٩٢) و (٥٠٤١) و (٦٩٣٦) و (٧٥٥٠) ومسلم (٨١٨) وأبو داود (١٤٥٧) والنسائي (٢/ ١٥٠) والترمذي (٢٩٤٣)، ومالك ١/ ٢٠١ وأحمد ١/ ٤٠ و٤٢ - ٤٣ والطبري (١٥) والبغوي (١٢٢٦) والشافعي في " الرسالة " (٢٧٣) والطيالسي (٩) من طرق عن عبد الرحمن بن عبد القارىء أنه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقرأنيها، فكدت أن أعجل عليه، ثم أمهلت حتى انصرف ثم لبَّبته بردائه، فجئت به رسوله الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأتنيها، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أقرأ " فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " هكذا أنزلت " ثم قال لي: " اقرأ " فقرأت، فقال: " هكذا أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه " وزاد السيوطي في " الدر المنثور" ٥/ ٦٢ نسبته لابن حبان والبيهقي.
(٢) انظر " فتح البارى " ٩/ ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>