للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصاحبة والولد مجرداً، ثمَّ بانضمامه إلى شيءٍ آخرَ يصيرُ مدحاً، ثم إذا انضمَّ إليه كونه حيّاً لا آفة به، صار مدحاً. وهكذا لا مدح في أنه لا أوَّل له، فإن المعدومات تشاركُه في ذلك، ثم يصيرُ مدحاً بانضمام شيء آخر إليه، وهو كونه قادراً، عالماً، حياً، سميعاً، بصيراً، موجوداً، كذلك في مسألتنا. وحاصل هذه الجملة أن التَّمدُّح إنما يقع بما به تقعُ البينونة بينه وبين غيره من الذوات، والبينونة لا تقع إلاَّ بما يقوله، لأن الذوات على أقسامٍ منها ما يُرى ويَرى كالواحد منَّا. ومنها ما لا يَرَى ولا يُرى كالمعدومات. ومنها ما صحّ ولا يرى كالجمادات.

ومنها ما يَرَى ولا يُرى كالقديم تعالى، وعلى هذا صحَّ التَّمدُّح بقوله: {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ} [الأنعام: ١٤].

فإن قيل: إن ما ليس بمدحٍ إذا انضمَّ إلى ما هو مدحٌ، كيف يصيرُ مدحاً؟.

قيل له: لا مانع من ذلك، فمعلوم أن قوله عز وجل: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: ٢٥٥] ليس (١) بمدحٍ، ثم صار مدحاً بانضمامه إلى قوله: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّوم} وكذلك قولنا في الله عز وجل: إنه موجودٌ، ليس بمدحٍ، ثم إذا ضممنا إليه القول بأئه لا ابتداء له، صار مدحاً، ونظائر ذلك أكثرُ مِن أن تذكر، والمنكر له متجاهل.

فإن قيل: لو جاز فيما ليس بمدحٍ أن يصير مدحاً بانضمامه إلى غيره، لكان لا يمتنع أن يصير الجهل مدحاً بانضمامه إلى الشجاعة وقوة القلب، حتى يحسُنَ أن يُمدَحَ الغير (٢) بأنه جاهلٌ، قويُّ القلب، شجاعٌ.

قيل له: إن ما وُضع للنقص من الأوصاف، نحو قولنا: جاهلٌ، عاجزٌ، وما شاكلها، لا تختلف فائدته، ولا يتغير حاله بالانضمام (٣)، بل يقبل (٤) النقصَ


(١) زيد قبلها في " شرح الأصول ": بمجرده.
(٢) في " شرح الأصول ": أن يمدح الواحد الغير.
(٣) في " شرح الأصول ": بالانضمام ولا عدم الانضمام.
(٤) في " شرح الأصول ": يفيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>