للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكل حالٍ، سواء ضُمَّ إلى غيره أو لم يضم، وليس كذلك سبيل ما (١) ليس بمدحٍ ولا نقصٍ، فإن ذلك مما لا يمتنعُ أن يصير مدحاً بغيره على ما ذكرناه.

فإن قيل: فجوزوا أن يصير قولنا: " أسود " مدحاً بأن ينضم إليه قولنا: عالم، ومعلوم أن ذلك لا يصير مدحاً لما لم يكن مدحاً في نفسه، فإذا لم يَجُزْ أن يصير ذلك مدحاً، فكذلك لا يجوز في قوله: {لا تُدْرِكُهُ الأبصَارُ} أن يصير مدحاً بأن ينضمَّ إليه قوله: {وهو يُدْرِكُ الأبصَارَ} [الأنعام: ١٠٣].

قيل: إنا لم نقل: إن ما ليس بمدحٍ إذا انضمَّ إلى ما هو مدحٌ صار مدحاً بكل حالٍ، بل قلنا: إن ما ليس بمدحٍ إذا انضمَّ إلى ما هو مدحٌ، وحصل بمجموعهما (٢) البينونةُ، صار مدحاً، ولا تحصُلُ البينونة بانضمام قولنا: " أسودُ " إلى قولنا " عالمٌ "، بخلاف مسألتنا، لأنه حصل ها هنا بينونةٌ على الوجه الذي ذكرناه.

فإن قيل: ما وجه البينونة؟

قلنا: وجهُ البينونة: هو أنه يرى ولا يُرى.

فإن قيل: هلاَّ جاز أن تكون جهةُ التمدُّح هو كونه قادراً على أن منعنا (٣) من رؤيته؟

قلنا: هذا تأويلٌ بخلاف تأويل المفسِّرين. وما هذا سبيله من التأويلات يكون (٤) فاسداً.


(١) المثبت من (د)، وفي باقي الأصول بياض.
(٢) في (أ) و (ب): مجموعهما.
(٣) في " شرح الأصول ": يمنعنا.
(٤) في (أ): " لكونه "، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>