وقال أحمد فيما حدثنا علي، عن أبي هارون، عن سعدان، عن محمد، قال: سألت أحمد بن عيسى عن القدر الذي نُهِيَ عنه ما هو؟ فقال: من زعم أن المشيئةَ إليه.
وقد سُئِلَ علي عن ذلك، فقال: من زعم أن الله شاء (١) لعباده الطاعة فلم تنفذ مشيئة الله، وشاء لهم إبليس المعصية فنفذت مشيئةُ إبليس، فقد وهَّنَ الله في مُلكه، وجوَّره في حكمه، وبَرِئْنا إلى الله منه يوم القيامة.
وقرأت في كتاب إبراهيم ومحمد ابني فرات وسماعهما من محمد بن منصور، قال: كان أحمد بن عيسى يُثْبت القدر خيره وشرَّه، ويقول: لا يقال: شاء للعباد فيكون شِبْهَ اختيار، ولكن شاء أن يَعْصُوه.
وقال الحسن بن يحيى: أجمع آل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه من أحسن، فلله عليه المِنَّة، ومن أساء، فلله عليه الحجة في إساءته، وغير معذور في معصيته، ولن يخرج الخلق من قدرة الله وتدبيره وملكه.
وقال الحسن ومحمد: إن الله سبحانه خلق العباد، وعَلِمَ ما هم عاملون قبل أن يعملوا، وعرَّفهم طاعته، وأمرهم بها، وأعانهم عليها، وعرَّفهم معصيته، ونهاهم عنها، وأغناهم عنها.
قال الحسن: فليس أحدٌ يصير إلى طاعة الله إلاَّ بنعمة الله وفضله ورحمته، وليس أحدٌ يصير إلى المعصية إلاَّ بنعمة الله، والحجة لله على المطيع وعلى العاصي.
وقال محمد في موضعٍ آخر: إن الله خلق العباد جميعاً لعبادته، وأمرهم بطاعته، وأعانهم عليها، ومدحهم عليها، ونهاهم عن معصيته، وأغناهم عنها، وذمَّهم على فعلها، وجعل لهم السمع، والأبصار، والأفئدة، والجوارح السليمة