للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك قرأ ابن عباس: {ويقولُ الرَّاسِخُون في العلمِ آمَنَّا بهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا} رواه الحاكم وصححه (١).

ورواه الزمخشري (٢) عن أُبَيِّ بن كعبٍ سيد (٣) القراء.

وروى الزمخشري (٤) عن ابن مسعود نحو ذلك بغير لفظه، ولم يُضعِّفهما، بل رواهُما معاً بصيغة الجزم قراءتين لا من جهة التأويل.

وقد أوضحتُ الحجة في أن الراسخين لا يعلمون تأويل المتشابه في غير هذا الموضع، وكفي في ذلك حجة بأن موسى الكليم الوجيه المقرَّب عليه السلام ما علم تأويل المتشابه في علم الخضر، وكان سبب إنكاره لأفعال الخضر زيادة علم الخضر على علمه، فكيف بعلم الله وكلماته التي نصَّ على أن البِحار تَقِلُّ أن تكون مِداداً لها؟!

ويوضح ذلك ما عُلِمَ بالضرورة من أن الكفَّ عن الخوض في هذا هو حال خيار المؤمنين كما تقدم في تفسير {آمن الرسولُ بما أُنزِلَ إليه من ربِّهِ والمُؤمنونَ} [البقرة: ٢٨٥] وما ورد في سبب نزولها.

بل هذا هو حالُ الأنبياء كما ذكرتُه في قصة موسى والخضر، وحال الملائكة كما حكى الله عنهم في سؤالهم عن الحكمة في خلق آدم وذريته.


(١) أخرجه الطبري في " جامع البيان " (٦٦٢٧)، والحاكم ١/ ١١٢ من طريقين عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وذكره السيوطي في " الدر المنثور " ٢/ ١٥٠ وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر، وابن الأنباري في كتاب " الأضداد ".
(٢) في " الكشاف " ١/ ٤١٣. وانظر " تفسير الطبري " ٦/ ٢٠٤.
(٣) تصحفت في (أ) إلى: بسند.
(٤) في " الكشاف " ١/ ٤١٣. وانظر " المصاحف " لابن أبي داود ص ٦٩ والطبرى ٦/ ٢٠٤ ولفظ قراءته: " وإن حقيقة تأويله إلاَّ عند الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به ".

<<  <  ج: ص:  >  >>