للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكيفَ بالنعيمِ المُقيم في جوار الرحمن الرحيم، العليِّ العظيم، الجواد الكريم، مع النبيين والشهداء والصالحين وحسُنَ أولئك رفيقاً.

ولا أعظم صارفاً من المعصية من غضب الله وعذابه، وخوف حلول جميع أنواع البلاء عاجلاً وآجلاً إلى ما لا يمكن تقصِّي القول فيه.

فمن أراد التنبيه على شيءٍ من ذلك فعليه بتأمُّل كتاب الله، وصحيح سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ومن أحسن مَنْ جَمَعَ في ذلك ابن قيم الجوزية تلميذُ شيخ الإسلام ابن تيمية، ومنه استمدَّ، وذلك في كتاب له سماه " الجواب الكافي " فرحمه الله، لقد جوّد في الزجر عن المعاصي، وأجاد وأبدع، وأفاد وأمتع، وجاء بما لم يُسبق إلى مثله.

وبالجملة، فلا خلاف بين العُقلاء من المسلمين وغيرهم في هوان قدر الدنيا وشهواتها، وعظم مقدار الآخرة عند المسلمين، وهذا مما لا نِزاع فيه بالنسبة إلى الحقيقة والأمر الخارج.

وأما خطورُ هذه الأشياء بالبال، واستحضارها في الخاطر، وما يترتب على ذلك من آثارها على اختيار العبد خصوصاً في أول أحوال التكليف، ولا يلزم من هذا أن لا يسبق ذلك المشيئة والقَدَرُ عند أهل السنة كما لا يلزم أن يسبق ذلك العلم عند الجميع.

وكذلك لا يلزم من سبق هذه الأمور نفي الاختيار في أفعال العباد عند أهل السنة، كما لا يلزم من سبقها نفي اختيار الرب تعالى مع تعلق العلم والإرادة والقدر بأفعال الله تعالى إجماعاً، والاختيار وسبق القدر مثل البناء والأساس،


= وبعده:
يُصادِفْنَ صقراً كلَّ يومٍ وليلةٍ ... ويَلقَيْنَ شَرّاً من مخالبه الحُجْنِ
والكُدر: القطا، والأجن: الماء المتغير.

<<  <  ج: ص:  >  >>