للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل يخرج بذلك عن كونه مظنوناً أولا؟ مع اتفاقهم على وجوب العمل به وصحة الاحتجاج به.

الحكم الثالث: ما أفادته من ذمِّ القدرية، ولا شك أن ما وجب الإيمانُ به، فتاركه مذمومٌ، وقد انعقد الإجماع على أن القدرية فرقة مذمومةٌ، وأما تكفيرهم، فقد مر في كلام القاضي أبي بكر بن العربي المالكي، أنهم عشرون فرقة: فرقتان منهم لا يُعَدَّانِ في فِرَق الإسلام.

قلت: والضابط في التكفير أن من ردَّ ما يُعلَمُ ضرورةً من الدين، فهو كافر، وفي هذا بعض إجمال.

والتحقيق أن من علمنا ضرورة أنه رد ما يعلم من ضرورة الدين، وعلمنا بالضرورة أنه يعلمه هو ضرورةً مثل ما نعلمه ضرورةً، فلا شكَّ في كفره.

وأما من جوَّزنا أن يجهل من الدين ما نعلمه نحن ضرورة، فهذا موضع يكثر فيه الاختلاف، والأولى عدم التكفير لعدم الدليل عليه.

وقد مر تحقيقُ ذلك في آخر مسألة الصفات.

والقدر الذي يدل على كفر القدرية كلهم من النصوص غير متواتر كما يعرف ذلك ممن ميز ما يدل على الكفر من سواه، وإنما المتواتر والمجمع عليه ذمهم.

أمَّا حديث " القدرية مجوس هذه الأمة " فقد ذكر الحافظ زين الدين أبو حفص عمر بن بدرٍ الموصلي في كتابه " المغني عن الحفظ من الكتاب بقولهم: لم يصح شيء في هذا الباب " (١): إن ما جاء في المرجئة، والجهمية،


(١) ص ٢٩، وقد حاول المعلق عليه أن يقوي ما ورد في هذا الباب بكثرة الشواهد مقلداً بذلك بعض من ينتحل صناعة الحديث في عصرنا ممن ليس له خبرة بنقد المتون، وعامةُ الشواهد التي ساقها من طرقٍ شديدة الضعف، تنطوي على متون ظاهرة النكارة، واضحة =

<<  <  ج: ص:  >  >>