للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقدرية، والأشعرية لا يصح في هذا الباب شيء. نقل ذلك ابن النحوي في تلخيصه لهذا الكتاب المذكور وكذلك الموصلي المذكور مختصراً من كتاب ابنِ الجوزي (١)، فقد تطابق هؤلاء الأئمة الثلاثة على نقل هذا عن المحدثين.

واعلم أنهم يُطلقون مثل هذه العبارة على ما يقوى بكثرة طرقه وشواهده، وربما صح كما ذلك مقرر في علوم الحديث، ولكن هذا مقام صعب، وما زال أهل التحري من علماء الإسلام يتورَّعون في مقام التكفير، فإن إخراج رجلٍ مسلم من مِلَّةِ الإسلام عظيم، وقد صحَّت الأحاديث في تعظيم ذلك، وفي الحديث الصحيح " إذا قال الرجل لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما " (٢).

الحكم الرابع: اختلف الناس في القدرية، وهي لفظةٌ ليست لغوية، فيرجع فيها إلى أئمة اللغة، ولذلك أعرض الجوهري عن تفسيرها، وكذلك نشوان بن سعيد في " شمس العلوم "، وولده محمد في " ضياء الحلوم "، وأما مجد الدين، فقال في " القاموس " (٣): القدرية: جاحدوا القدر، وقال في تفسيره: القدر محرك هو القضاء، والحكم، ومبلغ الشيء، والجمع أقدار. ولم يوجد في أشعار العرب وديوانها، ولم يتحقق صحة الحديث الوارد في تفسيرها، فالمتحقق الآن أنها مُولَّدة اصطلاحية، ولم يبق إلاَّ النزاع في من تُطلق عليه.

وقد قدمنا ثبوت الأحاديث (٤) وبالإجماع على أنها تطلق على فرقةٍ مذمومةٍ،


= التوليد، وقد قال أئمة هذا الفن: ليس كل ما صح سنده صح متنه، وقال العلامة الخطيب البغدادي في " الكفاية " ص ٤٣٢: ولا يُقبل خبر الواحد في منافاة حكم العقل، وحكم القرآن الثابث المحكم، والسنة المعلومة، والفعل الجاري مجرى السنة، وكل دليل مقطوع به.
(١) انظر " الموضوعات " ١/ ٢٧٢ - ٢٧٨، و" العلل المتناهية " ١/ ١٤٧ - ١٦٣.
(٢) تقدم تخريجه في الجزء الأول من هذا الكتاب ص ٤٣٨ - ٤٣٩.
(٣) ص ٥٩١ " قدر ". طبع مؤسسة الرسالة.
(٤) الأحاديث التي فيها ذم القدرية والمرجئة والجهمية، ليس شيء منها بثابت كما تقدم بيانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>