للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النواوي ما لفظه: قال أصحاب المقالات من المتكلمين المتقدمين:

وانقرضت القَدَريَّة القائلون بهذا القول الشنيع الباطل، ولم يبقَ أحدٌ من أهلِ القبلة عليه. وحكى بعد هذا بقليل عن القاضي عياض في براءة ابن عمر من القدرية أنه قال: هذا في القدرية الأول الذين نَفَوا علم الله تعالى بالكائنات، والقائل بهذا الأمر [كافر] بلا خلافٍ، وهؤلاء الذين يُنكرون القَدَرَ، وهم الفلاسفة في الحقيقة.

وقال غيره: يجوز أنه لم يُرِدْ بهذا الكلام التكفير المُخرج من الملة، فيكون من قبيل كُفران النِّعَمِ، إلاَّ أن قوله ما قَبِلَ الله منه ظاهر في التكفير، فإن إحباط الأعمال إنما يكون بالكفر إلاَّ أنه يجوز أن يقال في المسلم: لا يقبل الله عمله لِمعصيتِه وإن كان صحيحاً.

وفسَّر النواوي الصحة بعدم وجوب القَضاء، وعدم القَبول بعدم الثواب.

قال: وقد حكى ابن قتيبة في كتابه " غريب الحديث " (١) وإمام الحرمين في كتابه " الإرشاد " (٢): أن بعض القدرية قالوا (٣): لسنا بقدرية، بل أنتم القدرية -إلى قوله- وهذا تمويهٌ من هؤلاء الجهلة ومباهتة ونزاعٌ (٤)، فإن أهل الحق يفوِّضون أمورهم إلى الله تعالى، ويضيفون القدر إلى الله تعالى، وهؤلاء الجهلة يضيفونه إلى أنفسهم، ومدَّعي الشيء لنفسه، ومضيفه إليها أولى أن يُنسَبَ (٥) إليه ممن يعتقده لغيره وينفيه عن نفسه. انتهى.

وكذلك ذكر ابن بطال أن مذهب أهل السنة أن القدر هو علم الله وغيبه


(١) ١/ ٢٥٥.
(٢) ص ٢٥٦.
(٣) في (ف): قال.
(٤) في " شرح مسلم " و" الإرشاد ": وتواقح.
(٥) في (ش): يثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>