للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنَّ سؤال الخليل العِيانْ ... لِكَيْ يَطمَئِنَّ على ذا دَليلْ

فمن يعلم السِّرَّ بعد الكَليم ... ومَنْ لا يُوسوِسُ بعد الخليلْ

وقد أورد بعضُ المتأخرين من أتباع المعتزلة هنا إشكالاً وتقدم في الدليل الأول في المرتبة الثانية في مسألة المشيئة، وتقدم جوابه من ثمانية أوجه، فليُطالَعْ مِنْ هُنالك.

القاعدة الثانية: وهي المعتمدة أن هذه المسألة من المتشابه الذي أخبر الله جَلَّ جلاله أنه لا يعلم تأويله إلاَّ هو، وذم المبتغين لتأويله وقرنهم بمبتغي (١) الفتنة كما تقدم تقريره، وأنه قول علي بن أبي طالبٍ رضوان الله عليه.

وقد أوردت الكلام على تفسير هذه الآية بالأدلة في مؤلَّفٍ لطيف مُجَوَّدٍ، فليطالَع، والحمد لله.

وهذه المسألة هي أمُّ المتشابهات، وأغمض الخفيات، ومحارة علماء المعقولات والمنقولات، فكيف يتعرض جميع المكلفين والمتكلفين لمعرفة سِرِّه المكنون في تأويلها، وغيبه المحجوب في تفاصيلها، فلا يتعرض لمعرفتها حكيمٌ بعد قوله تعالى: {ولا تُسأَلُ عَنْ أصحابِ الجَحيمِ} [البقرة: ١١٩].

وما هو إلاَّ كما قال ابن الجوزي (٢) رحمه الله: بحر لا يتمكن منه غائص، ليل لا يَبِصُّ للعين فيه كوكبٌ.

مَرَامٌ شَطَّ مَرْمَى العقل فيه ... فدُونَ مَداهُ بِيدٌ لا تَبِيدُ

خَرِسَتْ في حظيرة القدس مَقولة لِم، وعَشِيَتْ لجلال العِزِّ عين الفكر، فأقدام الطلب واقفةٌ على جمر التسليم.


(١) في (ش): وقرينة يبتغي.
(٢) في " المدهش " و" اللطف ". وقد تقدم هذا النص بتمامه في ٣/ ٣٢٢ - ٣٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>