للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألةٍ مستقلةٍ جعلها من مهمات كتابه، ويأتي في بيان الكسب إشارة يسيرة إلى معناها.

ومنهم من نفاها وجعلها مجرد عبارة، فإن صح ثبوت الأحوال وأنها أمور معقولة، فهو منشأ الحسن والقبح في الأفعال، وهي تُسمى موثرة فيهما مجازاً، وإن لم يصح ذلك كان الحسن والقبح معلومين بالإجماع، بل من ضرورة الدين وضرورة العقل عند المعتزلة وبعض أهل السنة، ولم يكونا مُعَلَّلَيْنِ، فليس كل معلوم معلَّلاً بمؤثرٍ متصورٍ في الذهن بالاتفاق كالتُّروك.

وقد دقَّ الأمر في هذا على المعتزلة كما دق على الأشعرية، ونُسِبَ إلى بعض أوائل المعتزلة أن القبيح قبيحٌ لذاته (١) والحسن كذلك، وهو قولٌ مرذولٌ عند المعتزلة، وللأشعرية عليه ردود ضرورية ذكروها في الكلام على التحسين والتقبيح العقليين.

ولذلك عوَّلت الأشعرية في هذه المسألة على السمع دون العقل، إلاَّ في صفة النقص كالجهل والكذب، وصفة الكمال كالعلم والصدق، واعترفوا بدَرْكِ العقل لها من دون أن يُدْرِك استحقاق الذم والعقاب على صفة النقص، ولا الثناء والثواب على صفة الكمال، فلا يعرف ذلك إلاَّ بالسمع عندهم، خلافاً للمعتزلة فإنهم جعلوا ذلك من المدارك العقلية، وليس اختلافهم إلاَّ في هذه النكتة على ما حققه الرازي.

الوجه الثاني: أن ابن متويه ذكر في " تذكرته " أن الإرادة إذا قارنت الفعل، ووقع الفعل بها على وجهٍ سُمِّيت نية، فأما تعلق الإرادة بمجرد (٢) الحدوث فلا يسمى نية، لأن النية مفيدةٌ للضمير، فلهذا لا يصح استعمال هذه اللفظة في الله تعالى.


(١) كتبت في (أ): لذلك، وفوقها: لذاته، وهي كذلك في (ش): لذاته، وهو الصواب.
(٢) في (ش): فأما ما تعلق بمجرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>