للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومتى كان الخطأُ متوقِّفاً على مثل هذه الدقائق لم يكن التكفير فيه بلائقٍ، وهدا هو مقصودي (١) بوُلُوج هذه المضايق والبحث عن الحقائق، والله تعالى عند لسان كل ناطقٍ، وسريرة كل كاذبٍ وصادقٍ، لأن هذا الكتاب إنما صُنِّفَ في الذب عن السنة النبوية لا في الذب عن الجبرية، ولا عن الأشعرية، لكن الذي أنكر صحة السنن النبوية وصحة التمسك بها توسَّل إلى ذلك بأن رُواتها أو كثيراً منهم جبرية كفار تصريحٍ، متعمِّدُون للكذب على الله تعالى ورسوله، وجعل الأشعرية وخصومهم من أهل الحديث والجمود (٢) من جملة الجبرية الخالصة الغلاة (٣)، فقصدت تمييز بعضهم من بعض، لأنه كما ذكره الشيخ مختار المعتزلي في " المجتبى "، فإنه ميَّز أهل الكسب من غُلاة الجبرية الخالصة، وقال: إنه المشهور من مذهبهم، وإنه قول أكثر أهل السنة فنُفْرِد لكل واحد من المُجْبِرةِ الخالصة والكسبية مسألةً على حَِدَةٍ. انتهى كلامه بحروفه.

وقد أوضحت في المجلد الأول (٤) إجماع الأمة والعترة على قبول أهل التأويل من طرقٍ عديدة من طريق العترة والشيعة والمعتزلة وأهل السنة، وإنما كلامي هنا في بيان الوجه في قبول أهل الإجماع لأهل التأويل، وبيان دقة الأمر الذي تأولوا فيه، وبيان مراتب البدع، كل ذلك حتى لا يلزم انطماس السنن والآثار التي هي تفسير القرآن، وعليهما (٥) عمل جميع أهل الإسلام والإيمان، وقد تقدم أنه يلزم مُنكِرُ ذلك أكثر من مئتي إشكال لما (٦) يؤدي إليه من الضلال والإضلال، والله المستعان.

الفرقة الرابعة من أهل السنة: الذين قالوا: إن فعل العبد واقع بقدرته


(١) في (أ) و (ف): مقصر، وهو تحريف، وقد كتبت فوقها على الصواب، وفي (ش): مقصدي.
(٢) في (ش): والجحود، وهو خطأ.
(٣) في (ش): العداة.
(٤) انظر الجزء الثاني بتقسيمنا ص ٣١٦ وما بعدها.
(٥) في (ش): عليها.
(٦) في (ش): بما.

<<  <  ج: ص:  >  >>