للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: هذه (١) الحجة تنفي كون الله تعالى مُوجِداً.

قلنا: لا نُسَلِّمُ.

قوله: إما أن تكون أفعاله واجبةً، أو لم تكن.

قلنا: بل هي واجبة، فإن الله تعالى كما إرادته واجبةٌ، وصفاته واجبةٌ، فتعلُّقات صفاته بمتعلقاتها واجبة (٢).

فعلى هذا نقول: تعلق إرادة الله تعالى بإيقاع الحادث المتعيِّن في الوقت الفلاني واجبةٌ، ولما كان ذلك التعلق (٣) واجباً، استغنى عن مرجِّحٍ آخر، فلما كانت الصفة متعلِّقةً بتخصيص ذلك الفعل بذلك الوقت المخصوص لا جَرَمَ، لم (٤) يلزمنا قدم العالم وقدم سائر الحوادث.

لا يُقال: لما كان تعلق إرادته سبحانه بإيجاد بعض الأشياء على بعض الوجوه واجباً، وتعلقها بإيجاد تلك الأشياء على بعض الوجوه واجباً، وتعلقها بإيجاد تلك الأشياء على غير تلك الوجوه مُحالاً، لم يكن البارىء سبحانه وتعالى مختاراً قادراً، بل كان عِلَّةً موجبة، وذلك خروج عن الإسلام، لأنا نقول: إن كون الفاعل بحالٍ يجب أن يكون فاعلاً لبعض الأشياء لا تخرجه عن الفاعلية، ألا ترى أن عند المعتزلة الإخلال بالواجب يدل إما على الجهل أو الحاجة، فإذا وَجَبَ على الله تعالى الثواب، استحال إخلاله به لاستحالة مما يلزمُ من ذلك الإخلال في حقه وهو الجهل أو الحاجة، وإذا استحال منه أن لا يفعل، وجب أن يفعل، ففي هذه الصورة وجوب صدور الثواب عن البارىء تعالى واستحالة إلا صدوره عنه لا محالة تكون لأجل وجوب الداعي إلى الفعل، واستحالة حصول الداعي إلى الترك، ولا يُنَافي كونه قادراً، لأنه في ذاته بحالةٍ لو لم تكن


(١) " قوله هذه " ليست في (ش).
(٢) في (ش): فتعلقات صفاتها واجبة.
(٣) في (ش): المتعلق.
(٤) في (ش): لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>