للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الإراداتُ واجبةً، بل لو حصلت له إراداتٌ أُخَر، لكان هو تعالى عند تلك الإرادات قادراً على عين (١) ما أحدثه الآن.

واعلم أنه لا خلاص للمعتزلة عن هذا الإشكال إلاَّ إذا قالوا: إن تركه تعالى للواجب لا يُؤَدِّي إلى محالٍ، أو (٢) لا يقولون: إنه يؤدي إليه أو لا يؤدي إليه، بل يُمْسِكُون عن القولين، ولكن هذا الجواب ركيكٌ، لأنهم إن (٣) عنوا بذلك أن أحد القسمين حقٌّ في نفسه، ولكن لا ينطقون به، فذلك مما لا يُفِيدُهم، لأنه ليس المقصود من الإلزام أن ينطقوا به، وان عَنَوْا بذلك فساد طَرَفَي النقيض، فهو معلومٌ البطلان بضرورة العقل.

إلى أن قال: قوله: القادر هو الذي يمكنه الفعلُ والترك، فلو كان كذلك لم تحصل المكنة في شيء من الأحوال.

قلنا: إن عنيتم بقولكم " القادر: هو الذي يكون متمكِّناً من الفعل والترك " أنه الذي يمكنه الإتيان بكل واحدٍ منهما بدلاً عن الأخر من غير مرجِّحٍ، فلا يمكن دخول هذه الحقيقة في الوجود، فإن النزاع ما وقع إلاَّ فيه.

وإن عنيتم أنه الذي يمكنه الإتيان بكل واحدٍ بدلاً عن الآخر عند حصول الدواعي المختلفة (٤) فذلك حاصِلٌ، واعتبار الدواعي لا ينافي ما ذكرنا.

إلى أن قال: قوله: لم لا يجوز أن يقال: حصول أحد المقدورين عند حصول الداعية يصير أولى بالموجود، ولكن لا تنتهي تلك الأولوية إلى حد (٥) الوجوب؟

قلنا: لوجوهٍ:

الأول: أنه يلزم (٦) أن يكون كلُّ واحدٍ من الأمرين معقولاً ممكناً، وكلُّ


(١) في (ش): غير.
(٢) في (أ) و (ش): و.
(٣) " إن " سقطت من (ش).
(٤) " المختلفة " سقطت من (ش).
(٥) " حد " لم ترد في (أ)، و (ف).
(٦) في (ش): لا يلزم.

<<  <  ج: ص:  >  >>