للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطلان التحسين والتقبيح بما معناه: أن العبد غير مختارٍ، بدليل أن الفعل مع الرجحان واجبٌ، ومع عدم الرجحان ممتنع، فإن قُدِّرَ تخلُّفُه مع الرجحان ووقوعه مع عدمه، فهو اتفاقي، وأكثر من تَلَهَّجَ بهذه الرازي، لكنه رجع في " نهاية العقول " إلى أن ذلك لا يوجب نفي الاختيار كما تقدم.

قال ابن الحاجب في " المنتهى " في رد هذه الشبهة ما لفظه: وهذا ضعيفٌ، فإنا نُفَرِّقُ بين الاختيارية والضرورية ضرورةً، ويلزم عليه فعل البارىء، وأن لا يوصف بحُسْنٍ ولا قبحٍ شرعاً، والتحقيق أنه يترجح بالاختيار. انتهى كلامه.

وهو نصٌّ لا يحتمل التأويل في نفي الجبر.

ومنه قوله في المحكوم فيه، وهو من أفعال العباد ما لفظه (١): شرط المطلوب الإمكان، ونُسِبَ خلافه إلى الأشعري، ثم ذكر احتجاج من قال بذلك بأمرين:

أحدهما: أن القدرة مقارِنَةٌ للمقدور (٢).

وثانيهما: أن الأفعال مخلوقةٌ.

ثم أجاب عن الوجهين معاً بأن ذلك يستلزم أن التكاليف كلها تكليفٌ بالمستحيل، وهو باطلٌ بالإجماع.

هذا نصُّ ابن الحاجب، وفيه أوضح دليلٍ على مخالفتهم للأشعري في معنى خلق الأفعال، وفي مقارنة القدرة على ما تقدم تقريره.

وإنما قال: نُسِبَ خلافه إلى الأشعري، على صيغة ما لم يُسَمَّ فاعله، لأن الأشعري لم يَنُصَّ على التكليف بغير الممكن، ولا هو لازِمٌ له قطعاً لما تقدم


(١) انظر " مختصر ابن الحاجب مع حاشية التفتازاني " ٢/ ٩ و١١.
(٢) في (ش): لوجود المقدور.

<<  <  ج: ص:  >  >>