للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من نَقْلِهم عنه أنه يرى أن التكليف غير مُتَوجِّهِ إلى الفعل المخلوق عنده، وإنما هو متوجِّهٌ إلى الاختيار، وليس الاختيار عنده بمخلوقٍ إذ ليس بشيء حقيقيٍّ.

ولكن ألزمه القول بجواز التكليف بالمحال من وقف على ظاهر قوله: إن الأفعال مخلوقةٌ وإن القدرة مقارنة، وقد تقدم أنه لم يَقُلْ بذلك في مورد الطلب والتكليف، لأن المقارنة غير مؤثرةٍ ألبتة، ولا يصح أن تقارن ما وقع بها من الاختيار، وإنما تقارن المخلوق بقدرة الله تعالى.

وقال ابن الحاجب في هذه المسألة (١): لو كُلِّفُوا بعد علمهم لانتفت فائدةُ التكليف، ومثله غير واقعٍ.

وقال في المسألة الثانية (٢): لو صحَّ لأمكن الامتثال.

وقال في المسألة الثالثة في معنى الترك (٣): لا تكليف إلاَّ بفعلٍ، لنا: لو كان لكان مُستدعىً حُصُولُه منه، ولا يُتَصَوَّرُ، لأنه غير مقدورٍ له، وأُجِيبَ بمنع أنه غير مقدورٍ له كأحد قولي القاضي.

وقال في المسألة الرابعة (٤): قال الأشعري: لا ينقطع التكليف بفعلٍ حال حدوثه، ومَنَعه الإمام والمعتزلة، فإن أراد الشيخ أن تعلُّقه لنفسه فلا ينقطع بعده، وإن أراد أن تنجيز التكليف به باقٍ، فتكليفٌ بإيجاد الموجود، وهو محال، لامتناع إتيان المكلَّف به (٥)، ولعدم صحة الابتلاء، فتنتفي فائدة التكليف قالوا: مقدورٌ حينئذٍ باتفاقٍ، فيصح التكليف به. قلنا: بل يمتنع (٦) بما ذكرنا.

ففي هذا التصريحُ بمخالفتهم للأشعري، والتصريح بأن الأشعري يُعَلِّلُ صحة التكليف بكونه مقدوراً، وذلك يدل على صحة ما ذكره الرازي


(١) ٢/ ١١.
(٢) ٢/ ١٢.
(٣) ٢/ ١٣.
(٤) ٢/ ١٤.
(٥) عبارة " لامتناع إتيان المكلَّف به " ليست في المطبوع من " المختصر ".
(٦) في (أ): يمنع، وفي (ش): ممتنع، والمثبت من " المختصر ".

<<  <  ج: ص:  >  >>