للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشهرستاني عنه من إثبات الاختيار.

وقال ابن الحاجب (١) في المحكوم عليه: الفهم شرط التكليف، لنا: لو صحَّ، لكان مُستدعىً حصوله منه طاعةً كما تقدم.

وقال فيه (٢): يصح التكليف بما عَلِمَ الآمر انتفاء شرط وقوعه من الإرادة، قالت المعتزلة: لو صح لم يكن الإمكان شرطاً فيه، وأُجيب بأن الإمكان المشروط فيه أن يكون مما يتأتَّى فِعلُه عادةً عند وقته واستجماع شرائطه كما لو جَهِلَ الآمر، وهو اتفاق.

قالوا: لو صح لصحَّ مع علم المأمور، أُجِيبَ بانتفاء فائدة التكليف وهو (٣) يطيع ويعصي بالعزم والبشر والكراهة.

وقال في البيان والمبين (٤): تأخير البيان عن وقت الحاجة مُمتنِعٌ. إلى آخر كلامه في المسألة.

وكذلك توجيهُه للصلاة في الدار المغصوبة باعتبار الجهتين، وكلامه في الواجب المخَيَّر وفي ما لا يَتِمُّ الواجب إلاَّ به، وأمثال ذلك.

كل ذلك يدل على مراعاتهم للعقل والشرع في منع المحالات، ولو تعرَّضْتُ لشرح كلامه وبيان مقاصده لطال، وبيان مأخذي من مقاصده، لطال وأمَلَّ، فمن أحبَّ ذلك فليطالع شروح كتابه.

والذي يدل على ما أنا بصدده أن شرَّاح كتابه من الأشعرية يقرِّرون ما ذكره في هذا، ولا يقدحون عليه، ولا ينسبونه إلى التفرُّد باختيار شيء، كما قد يكون من الرازي، ثم كتاب الأصل الذي مختصر المنتهى راجعٌ إليه هو تأليف السَّيف الآمديِّ، أحد أئمَّتهم في الكلام، وكتابه أحد كتبهم المشهورة، وهذه الأمورُ تفيد العلم الضروري بأنهم لا ينفون الاختيار.


(١) ٢/ ١٤.
(٢) ٢/ ١٦.
(٣) في " المختصر ": ولهذا.
(٤) ٢/ ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>