للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السبكي في كتابه في الأطفال (١): ووردت أحاديث أُخَرُ مصرِّحةٌ بأنهم في الجنة، لكن في أسانيدها ضعفٌ.

قال السبكي: وفي حديث " البخاري " كفايةٌ مع ظاهر القرآن، وفي حديثٍ آخر " أولاد المشركين خدمُ أهل الجنة ". انتهى.

قلت: أما الأحاديث الضِّعاف، فإنها باجتماعها تقوى، لأنهم لا يُطلقون الضعيف إلاَّ على من في حفظه شيءٌ ليس بالفاحش، وليس بكذَّابٍ متعمِّدٍ، ولا فاسقٍ مصرِّحٍ، كما ذلك معروفٌ في علوم الحديث، ومن هو على هذه الصفة، فأكثرهم، بل كلهم مقبولون عند الأصوليين وكثير من الفقهاء وإن انفردوا، وحديثهم إذا تنوَّعت طرقه يقوى عند المحدثين، وربَّما صحَّ.

وأما الحديث الذي أشار إليه السُّبكي، فقال ابن قيم الجوزية في الباب الثاني والخمسين في كتابه " حادي الأرواح " (٢): رواه يعقوب بن عبد الرحمن القاري، عن أبي حازمٍ المدينيِّ، عن يزيد الرَّقاشيِّ، عن أنسٍ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " سألتُ ربي اللاَّهين مِنْ ذُرِّيَّة البشر أن لا يُعَذِّبَهُم، فأعطانيهم، فهم خدمُ أهل الجنة " يعني: الأطفال.

قلت: وتأويله على مذهب كثير من أهل السنة ومذهب المعتزلة أن لا يكلِّفَهم فيعصوا، أو أن لا يعذِّبَهم على أحد الوُجوه التي يصح منها تعذيبهم عند الجميع، كما سيأتي شرحه.

ثم قال الدارقطني: ورواه عبد العزيز الماجِشُون، عن ابن المنكدر، عن


(١) هو رسالة ضمن مجموع " فتاواه " ٢/ ٣٦٠ - ٣٦٥. وهذا النص في ٢/ ٣٦٢.
(٢) ص ١٤٨، والحديث وإن كان ضعيفاً بهذا الإسناد لضعف يزيد الرقاشي، حسن بطرقه التى سترد عند المصنف. أبو حازم المديني: هو سلمة بن دينار. وأورده الحافظ في " الفتح " ٣/ ٢٩٠، ونسبه إلى أبي يعلى، وقال: إسناده حسن!
واللاهون: قيل: هم البُلْه المغفَّلون، وقيل: الذين لم يتعمدوا الذنوب، وإنما فرط منهم سهواً ونسياناً، وقيل: هم الأطفال الذين لم يقترفوا ذنباً. قاله ابن الأثير في " النهاية ".

<<  <  ج: ص:  >  >>