للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع هذه التوبة العظيمة، فما استغفر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا سبَّه. هذه رواية مسلم، وفي رواية لأبي داود: ذهبوا يسبُّونه، فنهاهم، قال: ذهبوا يستغفرون له فنهاهم، قال: " هو رجلٌ أصاب حسيبُه الله " (١).

فانظر كيف نهى عن الاستغفار لهذا الرجل مع بذله روحه لصدق توبته، كل هذا لزجر الخلق عن المعاصي، ولذلك خرَّج مسلم في هذا الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - خطب بعد رجمه، وقال في خطبته: " أو كُلَّما انطلقنا غُزاةً في سبيل الله تخلَّف رجلٌ في عيالنا له نبيبٌ كنبيب التَّيس؟ ألا لا أُوتى برجُلٍ فعل ذلك إلا نَكَّلْتُ به " فكيف يقال بعد هذا: إنه في صلاته مشغولٌ بالاستغفار للمُصِرِّين على الفواحش؟ وهذا إغراءٌ لأهل الفواحش وتأنيسٌ لهم، وهو يناقض ما وردت به الشرائع من قطع الذرائع إلى الفساد والله أعلم.

وكذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يترك الصلاة على من عليه دينٌ، ولم يترك له قضاء، وذلك (٢) لما في الصلاة عليه من الاستغفار له والإيناس، هذا مع أنه أخذ مال الغير برضاه، فكيف بدماء المسلمين ونفوسهم عمداً وعبثاً وجُرأةً؟ وأحاديث الدَّيْنِ صحيحةٌ شهيرةٌ، منها: عن أبي هريرة وخرجاه والترمذي والنسائي (٣).

وعن سلمة بن الأكوع عند البخاري والنسائي (٤)، وعن أبي قتادة عند الترمذي والنسائي (٥).


(١) انظر ١/ ٢٦٠.
(٢) " وذلك " ساقطة من (ف).
(٣) البخاري (٥٣٧١) و (٦٧٣١)، ومسلم (١٦١٩)، والترمذي (١٠٧٠)، والنسائي ٤/ ٦٦، ورواه أحمد ٢/ ٤٥٣، وابن حبان (٣٠٦٣)، وانظر تمام تخريجه فيه.
(٤) البخاري (٢٢٨٩) و (٢٢٩٥)، والنسائي ٤/ ٦٥، ورواه أيضاً أحمد ٤/ ٤٧ و٥٠، وابن حبان (٣٢٦٤).
(٥) الترمذي (١٠٦٩)، والنسائي ٤/ ٦٥، وابن ماجه (٢٤٠٧)، وأحمد ٥/ ٢٩٧ و٣١١، وصححه ابن حبان (٣٠٥٨) - (٣٠٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>