للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل هذه الأشياء، لم يضمن، ولم يتبع بشيء وهو في معنى كلام الفقهاء، وقد قرره محمد بن منصور، ولم يورد عن أحدٍ من أهل البيت عليهم السلام خلافه مثل عادته إذا اختلفوا، وكذا السيد الإمام الحسني المصنِّف لم يذكر خلافاً في هذا المعنى بين ذلك الصدر الأول.

أشار الأمير الحسين بن محمد في " شفاء الأوام " إلى أنه قول أحمد بن عيسى وغيره من أهلِ البيت، ذكره فيما يأخذه السُّلطان الجائر كُرهاً من الزكاة، وذكر أنه لا يجزىء عند الأكثر منهم عليهم السلام، لأن ذلك يرجِعُ إلى الولاية، ولا ولاية للجائر، قال: وذهب بعضُهم إلى أنه يُجزىء، وبه قال أحمد بن عيسى عليه السلام. رواه عنه في كتاب " العلوم ". انتهى بلفظه من كتاب " شفاء الأوام ".

وأنا أذكر ما يدلُّ على هذا من كلام الفقهاء، فمن ذلك كلام الجويني (١) المقدم، فإنه نص فيه على أنه إذا أمكن كفُّ يدِ الظالم المصرِّ المتهتِّك وتوليةُ غيره بالصِّفات المعتبرة، فالبدار البدار، وإن لم يمكن ذلك -لاستظهاره بالشوكة- إلاَّ بإراقة الدماء، ومُصادمة الأهوال، فالوجه أن يُقاس ما الناس مدفوعون إليه منقلبون بما يفرض وقوعه -إلى آخ كلامه-.

وهذا ظاهرٌ في المعنى الذي أردته، فإنه أوجب عند التمكن نصب إمامٍ على الصفات المعتبرة بهذا اللفظ، فدلَّ على معرفتهم للإمامة ولصفاتها (٢) المعتبرة، وأنهم إنَّما تكلَّموا في الضروره، ودفع (٣) ما يتوقع من الفتن العظام بالصبر على ما هو أهون منها.

ولهذا قال الجويني: إن المفسدة إذا كانت أكبر بالقيام عليه، تعيَّن الصبر والابتهال إلى الله تعالى، ولو (٤) كان يعتقد أنه إمام حقٍّ، لم يذكر الابتهال إلى


(١) انظر " غياث الأمم " ص ١١٠.
(٢) في (د): " ولصفاتهم "، وفي (ف): " وبصفاتها ".
(٣) في (ش): " ووقع ".
(٤) في (ف): "فلو".

<<  <  ج: ص:  >  >>