للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصلحة كليةً قطعيةً (١)، وعنى بالقطعية أن يعلم أن هذا هو المخوف علماً قطعياً، وبالكلية أنا نعلم أنَّا إن لم نقتله قتل، وقتل جميع المسلمين.

ورد عليه بعضُ المالكية، وأبطل اشتراطه للكلية بقصة يونس عليه السلام، وأبطل اشتراطه للقطعية بأنه لا سبيل إلى القطع البتة، وما لا سبيل إليه، لا معنى لاشتراطه.

فإن قيل: إن قصة يونس عليه السلام مِنْ شرعِ من قبلنا.

قلنا: هو حجة إذا ذكر في كتابنا، كما ذكره المنصور بالله وغيره، وقد تقدم الدليل على ذلك في مسألة قبول المتأولين.

ومن هذا القبيل الذي ذكره في المصالح، كلام الصحابة في حدِّ الخمر، فعن أنس بن مالكٍ، قال: جلد رسول الله في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين، فلما ولي عمر دعا الناس، فقال لهم: إن الناس قد دنوا من الريف، فما تَرَوْنَ في حدِّ الخمر؟ فقال عبد الرحمن: نرى أن نجعله كأخفِّ الحدود، فجلد فيه ثمانين. رواه مسلم وأبو داود، وروى البخاري وابن ماجه بعضه (٢).

وعن حضين بن المنذر قال: شهدتُ عثمان، وأُتي بالوليد، فشهد عليه حُمران ورجلٌ آخر، فشهِدَ أحدهما أنه رآه يشربها (٣) - يعني -الخمر- وشهد الآخر أنه رآه يتقيؤها. فقال عثمان: إنه لم يتقيأها حتَّى شربها، فقال لعلي عليه السلام: أقم عليه الحد، فقال علي للحسن: أقم عليه الحد، فقال: ولِّ حارَّها من تولَّى قارَّها، فقال علي عليه السلام لعبد الله بن جعفر: أقم عليه الحد،


(١) " المستصفى " ١/ ٣٠١.
(٢) انظر المسند ٣/ ١١٥ و١٨٠، والبخاري (٦٧٧٣) و (٦٧٧٦)، ومسلماً (١٧٠٦)، وأبا داود (٤٤٧٩)، وابن ماجه (٢٥٧٠)، وابن حبان (٤٤٤٨ - ٤٤٥٠).
(٣) في (ش): " شربها ".

<<  <  ج: ص:  >  >>