للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخذ السوط وجلده وعليٌّ يعُدُّ، فلما بلغ أربعين، قال: حسبُك، جلد النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعين. وأحسبه قال: وجلد أبو بكر أربعين، وجلد عمر ثمانين، وكل سُنَّةٌ، وهذا أحبُّ إليَّ. رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه (١).

فجلد الثمانين في الخمر قد شاع في الصحابة، واستمر عليه (٢) عمل الأمة إلى هذا العصر، مع أنه غير منصوصٍ في الكتاب، ولا في السنة المتفق على صحتها، وإنما عمل به للمصلحة (٣)، فدل على إجماع الصحابة على العمل بالمصالح.

وقد روى الحافظ ابن كثير وغيره عن علي عليه السلام أنه ضمن الصُنَّاع، وقال: لا يُصلِحُ الناس إلاَّ ذلك.

والكلام في هذا المعنى يحتمل البسط الكثير (٤)، وقد تكلم الرازي في " المحصول " (٥) بكلامٍ حسنٍ في المصالح. وتكلم شارح " البرهان " فيها، ومن أحب الاستقصاء في المصالح، وما يتعلق بها، فليُطالع كتاب " قواعد الأحكام في مصالح الأنام " للإمام الكبير عز الدين بن عبد السلام، الذي قال النواوي في " شرح المهذب ": إنهم اتفقوا على براعته في العلوم كلها، وعلى أمانته وديانته، أو كما قال، فإن كتابه هذا من أنفس الكُتُبِ في هذا الشأن. والله سبحانه أعلم.

الفائدة الثالثة: في بيان المختار.

واعلم أن كلام أحمد بن عيسى عليه السلام والفقهاء في أخذ الولاية على الإطلاق، وكلام المؤيد بالله في أخذ الولاية على القضاء يشتمل على أمرين:


(١) مسلم (١٧٠٧)، وأبو داود (٤٤٨٠) و (٤٤٨١)، وابن ماجه (٢٥٧١).
(٢) " عليه " ساقطة من (ش).
(٣) في (د): " في المصلحة "، وفي (ش): " لمصلحة ".
(٤) " الكثير " ساقطة من (ف).
(٥) ٦/ ٢١٨ - ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>